في بداية القرن العشرين ومع صعود النخبة العربية وأصحاب الفكر والرأي وفي محاولة للخروج من زمن الاستعمار الإنجليزي والإيطالي والفرنسي والهيمنة العثمانية على العالم العربي.. كان هناك حلم يراود العرب ويتمنون قيامه وتحقيقه على أرض الواقع وهو إقامة الدولة الوطنية والحديثة كما هو مفهوم «الدولة» في الغرب القائم على المؤسسات والأحزاب السياسية. إن الدول العربية خاصة التي ترفع في مجملها شعار «الجمهورية» تحت لافتة «وحدة حرية اشتراكية» أثبتت أحداث الربيع أن النظم الملكية أكثر مصداقية منها بل وأكثر شرعية.. سياسيا واجتماعيا في العالم العربي كدول قوية ومتماسكة. فجأة ومنذ سمعنا بما يسمى اصطلاحا ب «الإسلام السياسي» دخلنا في زمن آخر هو زمن الميليشيات في الوطن العربي والتي تعد في فكرها وأدبياتها وأنظمتها الداخلية انقلابا على مفهوم الدولة.. وهذه الميليشيات الممولة بالمال والسلاح أصبحت تشكل ما يشبه الدول داخل الدول كما هو الحال مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني و«حزب الله» العراقي وميلشيا الحوثيين الذين يسمون أنفسهم ب «أنصار الله» وهناك ميليشيات أخرى تحمل نفس ملامح وسمات ميليشيا «حزب الله» في لبنان و«أنصار الله» في اليمن من «القاعدة» إلى «جبهة النصرة» و«داعش».. وغيرها من الميليشيات.. والسؤال كيف برزت هذه الميليشيات الدينية المتطرفة التي تحلم بقيام دولة الخلافة الإسلامية من خلال المزيد من إراقة الدماء كأنما بناء الدولة لا يقوم إلا على مزيد من هذه الدماء لا من خلال الدولة القائمة على المؤسسات الحكومية.. ومؤسسات المجتمع المدني. إن ما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا وفي تونس أفرز هذه الجماعات والعصابات المتطرفة التي ترفع شعار محاربة أمريكا وإسرائيل لكي تدغدغ العامة والبسطاء وأصحاب العقول الصغيرة. إنه زمن الميليشيات حقا.. زمن أصحاب العمائم السوداء والفكر الأسود وتصدير الثورات وإشاعة الفوضى.. وهو ما تفعله إيران التي تكرس لفكر الميليشيات في الوطن العربي والإسلامي. [email protected]