هناك خلط كبير بين مفهوم الثقة بالنفس ومفهوم الغرور، فكل مظهر من مظاهر الثقة بالنفس يعتبر غرورا .. لماذا؟ دعونا نوضح أولا ما هي الثقة بالنفس: هي إحساس الشخص بقيمة ذاته و إدراكه لقدراته وتواصله مع الآخرين بارتياح وثبات. بكل أسف .. اتضح لي من خلال عملي في تقديم الاستشارات ومن خلال ملاحظة الناس في الحياة أن نسبة تدني الثقة بالنفس واضحة جدا وغير قليلة، وذلك لعدم حصولنا في صغرنا على ما يغرس فينا ذلك المعنى والإحساس، بل لقد نشأ الكثيرون على عكس ذلك، فثقافتنا الفكرية تفتقر لمفهوم تقدير الذات، وتعارف الناس - دون اتفاق- على أنه حتى و إن كان الشخص واثقا بنفسه فيجب عليه عدم التصريح بذلك أو إظهاره! حقيقة لم أدرك كل ذلك إلا في الثلاثينات من عمري، أن لكل فرد منا قدرات هائلة أودعها الخالق فيه ليكون مؤهلا لشرف الخلافة، ومن هنا ولد إحساسي بالثقة و الاعتزاز بذاتي. الثقة بالنفس هي تقدير للذات .. والتواضع ليس مؤداه ادعاء عدم المعرفة والتظاهر بضعف الإمكانيات، عندما أقول: أنا أجيد القيام بهذا العمل (هذا ليس غرورا)، عندما أقول: أنا ماهر في هذا الأمر (هذا ليس غرورا)، وإنما ثقة بالنفس و إدراك للقدرات وتبيان لها، وأجمل نموذج أورده في هذا السياق .. سيدنا يوسف عليه السلام عندما خرج من السجن وكان يريد العمل، عرض قدراته ومهاراته على الملك قائلا: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، بين للملك ثقته في قدرته على القيام بمهام ذلك المنصب مشيرا إلى صفة الأمانة فيه والعلم بالأمور المالية. أعزائي .. من المهم والضروري جدا أن ندرك قيمتنا كبشر ونقدر ذواتنا ونغرس ذلك في أولادنا فهذا التقدير والاعتزاز عدا عن كونه شعورا إيجابيا مفيدا للاتزان والانسجام النفسي، فهو أيضا دافع للعمل والإنجاز والنجاح. مدربة في تطوير الذات