فاصلة: (ينبغي للمرء أن يكون سيد نفسه لكي يكون سيد العالم) - حكمة عالمية - جارتي التي تقطن أول المجمع بينما أسكن آخره، تعرض كل يوم اثنين أن توصلني وبناتي إلى المدرسة مع سائق التاكسي حيث توصل أولادها نفس المدرسة، ولا تقبل حتى أن نقتسم أجرة التاكسي وتقول «إنّ طريقنا إلى المدرسة واحد». جارتي من جاميكا التي تقع في البحر الكاريبي وهي من أصول إفريقية لا تعرف شيئاً عني سوى تحية الصباح إذا ما التقينا مصادفة، ومع ذلك تعرض عرضها قائلة «أعرف أنّ يوم الاثنين بعد الإجازة الأسبوعية مزعج، فالأطفال لا يستيقظون مبكراً ودائماً ما نتأخر». قابلتها أمس في الباص وإذا بها قد صبغت شعرها وغيّرت تسريحتها، فقلت لها: «تبدين مختلفة اليوم بهذا الشكل الجديد والجميل» فاجأبتني ضاحكة «أعرف ذلك»، رغم أنها في مقاييس الجمال عامة ليست جميلة! ابتسمتُ وبدأت أفكر في جملتها «أعرف ذلك». وتساءلت كم من امرأة في مجتمعي إذا قيل لها تسريحة شعرك جميلة تقول أعرف ذلك فلا تمتعض القائلة في استنكار لغرورها. وكم من امرأة لا تفرح بأي عبارة جميلة تمتدحها دون أن تطلق أي تبرير لإخفاء شعورها بالفرح؟ مفاهيمنا عن الذات خاطئة ومفهومنا عن الثقة بالنفس خاطئ، حيث تم التركيز على الغرور أكثر من الثقة بالنفس. حتى في تعابيرنا اللغوية العامية عندما نمتدح شخصاً، نلحق عبارتنا بتحذيره من الغرور. مع أنّ تعاليم ديننا تهتم بذات الإنسان نفسه مع تحذيرها من الغرور في توازن عجيب، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف كما يقول الحديث الشريف. وفي القرآن الكريم جاء على لسان يوسف عليه السلام: ... اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ . وفي توازن أيضاً يقول تعالى في سورة الإسراء وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً . هذا التوازن في إدراك المفاهيم المتعلّقة بالذات يؤثر كثيراً في إيمان الإنسان بقدراته وبالتالي في حياته على كافة مستوياتها.