إذا كان صحيحا أن الكتاب يقرأ من عنوانه فإن الكتاب الذي أصدره أبناء الأستاذ رشاد الزبيدي عن والدهم هو في الواقع تجسيد لشخصيته في مرحه، وفرحه، وطلاوة حديثه، وعذوبة تعبيراته، وما فيها من لمسات وهمسات أحبها كثير من أصدقائه. والكتاب الذي صدر عن هذه الشخصية المكية الظريفة الأستاذ رشاد علي زبيدي المولود بمكةالمكرمة عام 1348ه وعن أياديه البيضاء وقصة الوفاء التي يمثلها هذا الرجل الصديق العزيز ، وصاحب المواقف التي لا تنسى سجل فيه الدكتور الشريف عدنان الوزان مدير جامعة أم القرى السابق بعضا منها وكان الدكتور الوزان شاهد عيان لا راوية بالسماع، إذ قال : في يوم 23/9/1429ه كنا نتناول طعام الإفطار على مائدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وحال تناول الشاي قام الأستاذ رشاد زبيدي ووقف أمام الملك بشجاعة واحترام وقال له ما يلي : يا طويل العمر إننا في مكةالمكرمة نعاني الكثير، الماء للبيوت في السهل بمئات الريالات أما في الجبال خصوصا في الحج فيكون بألوف الريالات أجرة سيارات نقل الماء، ثم أن أهل مكة يشترون أراضي للسكن والاستثمار في بعض الأحياء، لكن أمانة العاصمة تضيق عليهم بتحديد البناء بدور أو دورين، والقبول في جامعة أم القرى محدود، والمشاريع متعثرة .. إلخ. ثم سلم الأستاذ رشاد الملك ما عبر عنه شفهيا مكتوبا على ورقة، وقد تجاوب الملك رحمه الله وأصدر تعميما بذلك تلقيته في جامعة أم القرى عندما كنت مديرا لها. وذكر الدكتور الوزان : أن الأستاذ رشاد زبيدي عربي أصيل الأرومة من زبيد بلد العلم والعلماء وقال : «فجمع بذلك أرومة الأصل والميلاد، ولهذا بأصله الأصيل وانتمائه العريق عرف بمواقفه الإنسانية بأبعادها الإسلامية مما عرف عن أعماله في بعض الأعمال الخيرية بحكمة ودراية وحنكة. وللأستاذ رشاد ذكريات مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، ومنها قوله : أذكر بعد انتهاء موضوع جهيمان أني ذهبت مع سمو الأمير نايف والشيخ عبدالرحمن فقيه، والسيد علوي تونسي إلى الرياض وكان الجو باردا فلبست مشلحا متينا وشماغا أحمر وسمعت تعليق سمو الأمير نايف يقول : الله الله شوف رشاد لابس شماغ أحمر أول مرة ويش صار يا رشاد وقد كان حديثا طريفا مع سموه، وفي الرياض حضرنا عرضا عسكريا رائعا للجيش السعودي. وقد أعد الكتاب فريق بحث مكون من : مسعد محمد الديب، وأحمد حسن القوصي، ومنصور نظام الدين، وأشرف على الكتاب أبناء الأستاذ رشاد زبيدي: نبيل ومجدي ومروان الذين أهدوا لي نسخة من هذا الكتاب عن والدهم الكريم، والكتاب مزود بعشرات الصور. السطر الأخير : قال الله تعالى : { إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم }..