أجنحة أمي تلقبني ب(المطيور) أبي يسأل الله السلامة كلما رآني من الأسفل فاردا جناحيّ هابطا على غصن من أغصان الشجرة التي تراقب البيت من الخارج وأنا أندهش حين أرى الناس يسيرون على أقدامهم في حين لم تكن قدماي تلامسان الأرض إلا نادرا... الكواكب يوما ما هبطت الكواكب بكثرة من السماء هبطت في اللحظة التي كان فيها المزارعون يستعدون لدس أيديهم في جيوبهم والاكتفاء بمشاهدة التلفزيون لا ندري ماذا كنا سنفعل بكراتنا الكثيرة لو لم يتركوا لنا بعض (ركائبهم) لنزرع فيها بأرجلنا ما كفوا عن زراعته بأيديهم... لم يكن انتقال السلطة من الأيدي إلى الأقدام سهلا في تلك الأيام خاضه أسلافنا ببسالة نادرة وواصلنا طريق كفاحهم وتضحياتهم إذ كان الفلاحون لا يزالون يحتفظون بثيرانهم ومحاريثهم في رؤوسهم الصلبة لذلك كثيرا ما باغتونا بهجماتهم القاسية في محاولة يائسة لتفريق الحشود. الخيال هو ليس رجلا إلا في مخيلتنا ومخيلة العصافير... تقترب العصافير من شجرة العنب، التي تتمدد على سرير خشبي لا نهاية له. تراه واقفا بذراعين ممدودتين... بثوبه الممزق وعمامته الملفوفة على رأسه، وأصواته المتضاربة التي لا يكف عن إصدارها، كلما هبت الرياح ليعبث بمخيلتها الرخوة... فتخاف ولا تخاف. حين تكف أشجار العنب عن الإنجاب مؤقتا يهبط من عليائه ليلعب معنا الكرة يمرر ويراوغ ويسدد بكلتا قدميه نسمع طقطقة عظامه الخشبية حين ينطلق من أول الملعب إلى آخره ومثل العصافير تماما، نخافه ولا نخافه... نصدق أنه يرتجف من شدة البرد يخجل من ثيابه المتسخة والممزقة يدوخ من فرط حرارة الشمس ولا يعرف كيف يقع يبكي لأنه يشعر بالجوع والوحدة في أحيان كثيرة... لا يمل من الوقوف ولا يتعب من رفع يديه رجل خلق من شعر وأغنيات لذلك لم يسموه فزاعة... سمّوه خيالا! *من مجموعة «شجرة يسقيها الشاي» الصادر حديثا عن دار «أثر»