هلل لاعب الفريق الأهلاوي ومهاجمه «عمر السومة» كثيرا.. عندما تمكن من إيداع الهدف الأول برأسه في مرمى الفريق «الأوزبكي» متغلبا على حالة «النحس» التي لا زمته في أكثر من أربع مباريات قبل هذه المباراة وحرمته من تسجيل أي هدف في مرمى الفرق الأخرى التي قابلت فريقه ومنها فرق صغيرة وناشئة.. •• هلل «السومة» لأنه تخلص من عقدة الصيام عن التهديف وقد حسبها مرتبطة بعوامل أخرى غير مرئية اعتاد البعض على تسميتها ب «الدنبوشي» وإن كانت الحقيقة هي غير كل هذا.. •• هذه الحالة النفسية التي مر بها المهاجم الأهلاوي يعيشها ومنذ فترة أيضا مهاجم الهلال الأبرز «ناصر الشمراني» ومهاجم النصر الناجح «محمد السهلاوي» ولاعب الاتحاد «مختار فلاتة» ولاعب الشباب «نايف هزازي». •• ذلك أن طابع النحس الذي لازم النجوم الخمسة لم يكن حقيقيا.. وإنما كان بسبب مشكلة فنية بحتة.. في معظم الأحيان ونفسية (عصبية) في أحيان أخرى.. •• والمشكلة الفنية ترجع بصورة أساسية إلى حالة «الخلخلة» التي كانت عليها وما تزال منطقة وسط الفرق الكبيرة.. وتحديدا منطقة المحور الممول للهجمة «صانع الألعاب» وضعف «الأجنحة» في الأطراف ومن خلفها منطقة محاور الارتكاز الدفاعية.. •• والمسؤول الأول عن ذلك هم المدربون.. وتصميمهم لخرائط اللعب وعدم استقرار منطقة الوسط المحورية في هذه الفرق الكبيرة.. •• والمثال الأبرز لهذا الخطأ في تشكيلة وسط هذه الفرق يتمثل في كثرة تجارب مدربي الأهلي والاتحاد من جدة.. •• ففي حالة الأهلي.. فإن منطقة وسط الفريق في عهد المدرب السابق «بريرا» شهدت تغييرات جذرية.. وتغيرت فيها الوجوه كثيرا.. وشغل مركز المحور «صانع الألعاب» المحترفون التالية أسماؤهم: 1) أولفيرا 2) موسورو 3) موراليس 4) برونو سيزار (العائد مجددا) وكان هذا التغيير على حساب «تيسير الجاسم» الذي وجد نفسه يتراجع إلى الخلف ليلعب كمحور ارتكاز متأخر.. لا علاقة له بالمقدمة إلا في النادر لأنها لم تعد ضمن مسؤولياته واقتصر دوره على الوظيفة الدفاعية.. •• وحتى عندما كان المدربون يحتاجونه للتقدم أماما في بعض المباريات لتوفير حلول فورية لمشكلة قيادة وتنظيم الهجمات.. كان تيسير يعاني كثيرا لأنه كان قد فقد شهيته وبعض مهاراته وخصائصه في قيادة الهجمة.. وبدا أكثر ارتباكا.. وأقل عطاء.. حيث لم يعد يمتلك «حاسة» إدارة الهجمة والتحرك خلف المهاجمين.. وتغذية الأطراف بالكرات لبدء الهجمات منها.. وإساقط الكرة فوق رأس المهاجم الصريح ومن يتقدم من اللاعبين إلى جانبه. •• وعندما جاء المدرب الحالي «جروس» مضى في نفس النهج.. وأبقى على تيسير كمحور ارتكاز دفاعي.. ولم يكتف بهذا بل جلب إلى جواره اللاعب المتميز «مصطفى بصاص» وتحولت مهامهما من الهجوم إلى الدفاع وقطع الكرات من مهاجمي الفرق الأخرى وتغطية المساحات الخلفية وتنظيم الهجمة من الخلف والتصدي للكرات المرتدة.. بعد أن كان مصطفى لاعب طرف أيمن قوي وفعال ومهاري.. وكان في بعض الأحيان يتبادل المواقع بذكاء مع المهاجم الصريح ويستخدم مهاراته في تهديد المرمى المقابل وربما غزوه وتسجيل أهداف.. •• وكثيرا ما نبهنا - في هذه الجريدة - إلى خطأ هذا التوظيف للاعبين وإلى شل حركة الوسط.. وسوء توظيف اللاعبين حسب إمكاناتهم وخبراتهم وأوجه تميزهم.. لكن الخطأ ظل مستمرا.. بالرغم من نزوع اللاعبين (تيسير/ بصاص) إلى التقدم واللعب أماما.. بمبادرة منهما أو بتكليف طارئ من المدرب.. أو بحكم الميول التلقائي إلى الهجوم.. كما حدث في المباراتين الأخيرتين اللتين لعبهما «تيسير» وأجاد فيهما وقام خلالهما بدور صانع الألعاب والمهاجم الصريح بروح قتالية تعكس مدى ضيقه بالقيد الذي عطل قدراته وقذف به في المؤخرة. •• ولو تابعنا كيف استطاع السومة تحقيق هدفه الأخير في الفريق الأوزبكي فإننا سنجد أن الكرة قد جاءته من كرة رفعها فوق رأسه اللاعب «محمد عبدالشافي» من الطرف الأيسر.. بحكم نزوعه إلى الهجوم كثيرا. •• وهذا يعني أن نجاح المهاجم الصريح يتوقف - إلى حد كبير - على مدى إمداد الوسط والأطراف له بكرات متقنة في إرسالها وتوقيتها وطريقة إيصالها إلى المهاجمين واستثمار المساحات المفتوحة في خط الظهر المقابل. • ونفس الشيء نستطيع أن نقوله في الهدف الأهلاوي الثاني حيث قام «السومة» نفسه.. برفع كرة متقنة على رأس المهاجم البديل «صالح العمري» الذي استقبلها بإتقان ووضعها بمهارة في مرمى الفريق الأوزبكي.. مستفيدا من تمركزه الجيد ومن استثماره لرفعة زميله الممتازة. •• ولولا وجود تمويل خلفي متقن لما كان هناك تسجيل للأهداف. •• وهو نفس ما يحدث الآن في الفرق الأخرى. النصر، الاتحاد، الهلال.. الهلال الذي يعاني كثيرا في منطقة الوسط وفي الأطراف بصورة أكثر تحديدا الأمر الذي يضعف هجوم المقدمة ويضع أبرز وأبرع المهاجمين في عزلة.. ويباعد بينهم وبين مرمى الخصم.. ويجعلهم يصومون عن التهديف. •• صحيح أن المهاجمين البارزين الذين أشرنا إليهم سابقا يعانون إما من الإصابة.. وإما من الإرهاق.. لكن الأكثر صحة هو أنهم يعانون أكثر من غياب «صناع اللعب المجيدين» في التمرير.. وفي تبادل المراكز لهم.. وفي تحريرهم من رقابة دفاع الخصم.. ومن مساعدتهم على توفير مساحات كافية يتحركون فيها بفعل ذكائهم في جذب مدافعي الفريق الخصم بعيدا عن المناطق الحساسة في الدفاع مما يهيئ فرصا خطيرة أمام المهاجم الصريح الذي يستطيع استثمارها وتحويلها إلى أهداف. •• والحل الأمثل لمعالجة هذه المشكلة يتمثل في: 1) تثبيت خرائط الفرق ضمانا للاستقرار وعدم اللجوء إلى تغيير مراكز اللاعبين إلا عند الضرورة القصوى. 2) توفير دكة احتياط قوية من أصحاب المهارات المتميزة للتغلب على مشكلة الإصابات التي يتعرض لها اللاعبون الأساسيون أو تتطلبها مجريات المباريات وتكتيكات الفرق الأخرى.. 3) تحديد الأدوار بوضوح كافٍ.. تجنبا لإضعاف درجة التجانس بين اللاعبين.. وتحقيق التكامل بينهم. 4) تراجع مستوى بعض اللاعبين لأسباب لياقية أو نفسية أو لظروف خاصة أخرى قد تكون لها علاقة بظروف الفرق الإدارية والفنية أو المالية.. •• لكن العامل الأهم والأساسي هو: التوظيف لكل لاعب في المكان الذي يجيد فيه حتى وإن كانت طريقة لعب الفريق الآخر تتطلب وضعه في مواقع أخرى.. لأن هذه الحاجة استثناء وليست هي الأساس.. بمعنى أن علينا أن نعود اللاعب على أن يلعب في أي موقع إذا اقتضت الضرورة فقط وليس أن نغير موقعه ونكلفه بمهام لا تتفق مع مهاراته أو خبراته أو لياقته فإن ذلك لا يؤدي إلى خسارة اللاعب فقط وإنما إلى خسارة المنطقة التي يكلف باللعب فيها دون إجادة أو جاهزية كافية. •• ولذلك يتوجب على الهلال أن يتدراك مشاكله في الوسط إما بمعالجة أوضاع «نيفز» وإما بالبحث عن صانع ألعاب آخر أكثر مهارة.. مع ضبط حركة ناصر في المقدمة.. •• ونفس الحال نقوله للنصر ولا سيما في ظل إصابة «إبراهيم غالب» الآن وما قد تحدثه هذه الإصابة من شلل للفريق وتحديدا لهجوم المقدمة الذي يعاني كثيرا في الفترة الأخيرة.. وبالذات باللجوء إلى الاستعانة بمهاجمين (السهلاوي/ الراهب) مع وجود منطقة دعم وإسناد خلفية وقادرة على التمرير لهما.. وعلى فتح الملعب عند الضرورة وعلى خطف الكرات وإيداعها شباك الخصوم.. •• أما الاتحاد.. فإن حالة التغيير المستمرة لوسطه.. وضعف مستوى أطرافه في الآونة الأخيرة.. قضى على «مختار فلاتة» تماما وأخشى أن يقضي على «عبدالرحمن الغامدي» رغم المجهود الهائل الذي يبذله ويستنزف معه لياقته في حركة دائبة يحاول معها تعويض غياب الإمداد له بالكرة وبالتراجع المستمر إلى الخلف أو الذهاب إلى الأطراف.. والسبب في كل ذلك عدم الاستقرار على من يشغل هذه المنطقة وبالذات في ظل استبعاد (محمد نور) من هذه المنطقة في الفترة الماضية وتراجع مستواه وبطئه في الصناعة والتمرير وإبقاء نجومه.. فهد والعسيري ومختار على الدكة. •• وإذا لم تعالج منطقة الوسط في هذه الفرق.. وفي الشباب أيضا.. فإن هجوم المقدمة سيظل سلبيا.. وإن لم تكن تلك مسؤوليتهم.. لأن هجوما دون مساندة خلفية أو حركة كافية على الأطراف لا يمكن أن يحقق نتيجة على الإطلاق.