وصف الناقد المغربي سعيد بوكرامي رواية (ممر الصفصاف) للروائي المغربي أحمد المديني، المرشحة للبوكر ضمن القائمة القصيرة، بالنموذج المعبر عن الجشع والاستغلال الذي يتواطأ عليه أصحاب النفوذ من أجل تجريد السكان البسطاء من أصولهم وجذورهم وموطنهم وإقصائهم خارج المدن الحديثة داخل غيتوهات إسمنتية بلا معالم مدنية ولا روح إنسانية. وأضاف بوكرامي «تبدو الكتابة لدى أحمد المديني تجربة قاسية كتابة وتأليفا وبناء سرديا، إذ يصرح في مقامات عديدة بصعوبتها وقسوتها ولا جدواها، خصوصا أن امتداداتها في الواقع محفوفة الخطر الداهم للعزوف عن القراءة، ما يتسبب في تهميش الكتاب وكاتبه، أعني الكاتب الضمني في رواية (ممر الصفصاف)، إذ يعيش مخاضها ويعاني من مدها وجزرها بين حيرة تارة ويأس تارة أخرى، لكنه عندما يجد الحافز لانطلاقتها لا يعثر عليه إلا في نظرة لكلب متشرد وشارد يدعى (جاك)، هذا الأخير سيدفع الكاتب إلى التخلي عن التردد والمخاض للشروع في كتابة روايته المؤجلة منذ مدة من الزمن الكلب (جاك) سيتحول إلى ذريعة سردية حاسمة يستحوذ ويتفرد ويتسرد كبطل لا منازع له ويرافق الكلب بطلان موازيان هما: الحارس (بلعيد) المنحدر من دوار الحفرة المتواجد بضواحي مدينة الرباط، يشتغل حارسا في مشروع بناء مسجد كبير، لكنه سيطرد من العمل رغم مهانته واستذلاله ونفاقه، ثم هناك شخصية (غانم)، المنعزل الغامض الجامح والثائر والمتردد في مواقفه، يقدم في الرواية، وكأنه يعيش فصاما شخصيا، لكنه مع ذلك يصر على اعتبار نفسه كاتبا روائيا مسؤولا بحيث يتولى دور كتابة الرواية وتتبع تشكلاتها. ويؤكد بوكرامي أن الكاتب المتخيل يروي تفاصيل مؤلمة عن مجتمع هامشي يعيش البؤس والفقر والاستغلال المفرط وبجميع أشكاله بدءا من الاستغلال في العمل وانتهاء بالطرد منه، وتلاعبات المستثمرين العقاريين ومؤامراتهم للاستحواذ على أراضي سكان (دوار الحفرة) وتحويلها إلى مشاريع سكنية راقية، حي الرياض في مدينة الرباط، وللإشارة فهذا الموضوع يوجد في كل مكان وزمان ويرى أنه يمكن اعتبار الرواية امتدادا تخييليا شرعيا لمسيرة أحمد المديني، التي تميزت بإخلاص فريد لطريقته في الكتابة التغريبية، وتشبث استثنائي بموضوعاته الاجتماعية المتأرجحة بين هواجس الكتابة والإبداع والتخييل وهموم الواقع الاجتماعي للناس البسطاء المهمشين والمغلوبين. وأوضح أنه يمكن القول أيضا أن رواية (ممر الصفصاف) لقاء أدبي وجمالي حقيقي بسلالة الأدب المغربي الحديث التي يمثلها محمد شكري ومحمد زفزاف ومحمد عزالدين التازي وغيرهم. وأشار بوكرامي، إلى أن الروائي المديني غني عن التعريف، كونه أستاذا جامعيا حصل على دكتوراة الدولة في الآداب من جامعة السربون بباريس (1990م)، ومنذ بداية السبعينيات حاضر بسردياته القصصية والروائية وترجماته ومقالاته، من بين أعماله السردية: زمن العنف في الدماغ، سفر الإنشاء والتدمير، الطريق إلى المنافي، المظاهرة، احتمالات البلد الأزرق، زمن بين الولادة والحلم، وردة للوقت المغربي، الجنازة، حكاية وهم، مدينة براقش، العجب العجاب، نصيبي من باريس. ولفت بوكرامي إلى أن في الرواية «نصادف التغريب نفسه الذي دأب المديني على بلورته وتشييد معماره منذ بداياته السردية، وكأن واقع الوقت المغربي، الذي تحدث عنه الروائي لما يزيد عن أربعة عقود، ما زال قائما وجاثما، فالأشخاص الهامشيون أنفسهم والوقائع السحرية التغريبية ذاتها».