عملية ذبح المصريين في ليبيا بغض النظر كانوا أقباطا أم مسلمين تستهدف قلب مصر وهي تعبر عن محاولة لزعزعة الاستقرار. لسان حال هذه الجماعات يقول لن ندع مصر تستقر وتعود لممارسة دورها الإقليمي والدولي. وهذا لن يتم لأن مصر لن تسمح بذلك. لم تعد بيانات الإدانة لهذه الجرائم البشعة التي تصدمنا في كل يوم من حرق الطيار الأردني إلى عمليات الذبح التي تتكرر والتي كان آخرها ذبح واحد وعشرين مواطنا مصريا، فهي وإن كانت مطلوبة إلا أنها لا تشكل حلا لهذه المعضلة الخطيرة التي تعصف بالعالم العربي طولا وعرضا. فالأمر كما قلنا ليس مجرد وجود مجموعة مأفونة مجرمة امتهنت القتل والتخريب، بل هو أعمق وأوسع من ذلك بكثير وبحاجة لمعالجة جذرية. وداعش ليبيا قد لا يكون لها وجود أو هي مجرد اسم لمجموعة أخرى تقوم بنفس العمل تحت هذا الاسم، وليس غريبا أن تقوم ميليشيات «فجر ليبيا» الإخوانية بتوجيه تحذير وإنذار للمصريين في ليبيا لمغادرة البلاد خلال 48 ساعة وإلا تعرضوا للاستهداف الذي قد يكون الذبح في هذه الحالة. إذن، نحن مرة أخرى أمام الجماعة الأم التي تمارس القتل البشع في مصر وتستهدف مقدرات الشعب المصري، فقتل عشرات الجنود المصريين في محافظة سيناء لا يختلف كثيرا عن الهجوم على منشآت ليبيا من مطارات ومؤسسات وقنوات إعلامية وحتى ذبح المواطنين المصريين بهذه الطريقة البشعة. المنفذ واحد والراعي والداعم هو نفس الطرف أو الأطراف للدقة، والكلام يجب أن يكون من الآن فصاعدا واضحا لا يقبل الغمغمة والتعتيم، وفي كل مرة نجد أن مصر بدورها ومكانتها مستهدفة. لا يمكن القضاء على هذا الإرهاب الدموي الذي يهدد بتدمير مقدرات الأمة العربية ويستهدف منعها من النهوض والتطور بمجرد الاستنكار والشجب بل هذه المهمة تحتاج إلى عمل منهجي عميق ومدروس آني وبعيد المدى. ولا ينبغي أن يقتصر هذا على محاربة المجموعات المتطرفة التي تمتد على مساحات العالم العربي، ولها جذور عميقة وتربة خصبة في التخلف بل ينبغي وضع النقاط على الحروف بالنسبة للدول الداعمة والممولة لهذا الإرهاب، وهي بصورة أو بأخرى باتت معروفة، وهذا يتطلب عملا استخباريا واسعا لجمع المعلومات والأدلة على التخريب والإجرام المدعوم من هذه الأطراف التي تعمل جاهدة لتخريب فكرة التحول الديمقراطي في العالم العربي وتحويل الثورات من أداة للتطور إلى وسيلة لهدم الدول والقضاء على الإطارات الجامعة لمكونات الأمة تمهيدا لتحويلها إلى جماعات متناحرة ومبعثرة.