بعد الأزمة الطارئة «للغاز»، وهي أزمة عجيبة لم تكن في الحسبان أخذ بعض الناس «الطيبين» يطالبون بإنشاء شبكة للغاز تمدد إلى المنازل وتنتهي بعداد يحسب الاستهلاك الشهري لتصدر به فاتورة باسم العميل ليقوم بسدادها لحساب شركة الغاز، مؤكدين أن شبكات الغاز موجودة في دول عربية وأفريقية نامية بعضها لا يملك من احتياطي الغاز ما تملكه بلادنا وبعضها يشتريه من الخارج، وما طالب به أولئك «الطيبون» يمكن تحقيقه على أرض الواقع من الناحية الفنية ولكن تنفيذه لا يعني عدم انقطاع الغاز عن منازلهم لأسباب فنية وإدارية حتى لو كان متوفرا في صهاريج ومستودعات بشركة الغاز، وعليهم أن يتذكروا جيدا أن المياه تنقطع عن المنازل المتصلة بالشبكة بالأسبوع والشهر مع أن الخزانات قد تكون مليئة بملايين الأمتار المكعبة من المياه، وعندها ترى الجماهير المناضلة مزدحمة حول الأشياب من أجل الحصول على الماء ريثما يتم إعادة إرساله لهم عن طريق الشبكة المنزلية، والأعذار مع كل انقطاع جاهزة حاضرة فمرة تكون بسبب انفجار الخط الرئيسي القادم من محطة التحلية ومرة يكون الحديث عن تشققات خطيرة في الخزانات الكبرى ومرة ثالثة عن وجود عطل في المحطة أو توقيف لإنتاجها لعمل الصيانة الدورية لها، وقد ألفنا هذه الكمية من الأعذار الجاهزة وتعاملنا معها باعتبارها أمرا واقعا لا مفر منه، فما الذي يضمن ألا ينطبق الأمر نفسه على تمديدات شركة الغاز المنتج في المنطقة الشرقية من بلادنا الغالية؟ وبالمناسبة فأنا شخصيا أرحت نفسي وعائلتي منذ أربعة عقود من معاناة الغاز وأنابيبه الفاضية والمليانة وساعتها الخربة ولياتها المنسمة ومخاطر تسرب الغاز والتحول إلى كتلة لهب عند إشعال أي ثقاب، ورائحته الكريهة، وطرحت مواقد الغاز أرضا في أقرب «خرابة» واشتريت موقدا كهربائيا مصروفه الشهري من الكهرباء لا يزيد على عشرين ريالا وهو مأمون مضمون ولا يحتاج سوى خط أرضي وسلك كهربائي «7مم» يسحب له من الطبلون وقد اقتدى بي بعض أصدقائي وأخذوا يدعون لي في صلواتهم ويؤكدون أن الفرق بين موقد الغاز وبين موقد الكهرباء مثل الفارق بين عربة الكارو وبين الكابرس!.