رأى اطباء مختصون أن تسجيل حالات فردية ومتفرقة لفيروس كورونا في بعض مناطق المملكة أمر وارد مع التغير المناخي وحركة السفر والتنقل، مؤكدين أن تكثيف البرامج التوعوية وحث المجتمع على الوقاية الشخصية والتشديد على تطبيق الاشتراطات الصحية في كافة القطاعات والمرافق الصحية وتقيد الممارسين الصحيين بالتدابير الاحترازية التي حددتها وزارة الصحة كفيل بالحد من انتشار الفايروس. بداية يرى استشاري ورئيس قسم الفيروسات والتحليل الجزئيي بمستشفى الملك فهد بجازان البروفسيور زكي منور، أن العوامل المناخية تلعب دورا هاما في ظهور وعودة الفيروسات بعد اختفائها، ويلاحظ أن فيروس كورونا قد اختفى تماما في الصيف مع ارتفاع الحرارة لأن الفيروسات بشكل عام لا تحبذ الأجواء الحارة وبالتالي فإن الأجواء الباردة تعتبر بيئة خصبة لها. وأشار إلى أن تسجيل حالات متفرقة في مختلف مناطق المملكة هو أمر متوقع مع حركة السفر والتنقل التي أصبحت الآن سهلة، فعند احتكاك فرد سليم صحي بمصاب قد يحتضن الفيروس دون ظهور أعراض سريعة لأن مدة الحضانة قد تمتد إلى 14 يوما وقد تظهر الأعراض عند توجهه إلى منطقة أخرى لظروف عمله أو لزيارة أسرته وخلاف ذلك. وشدد د. منور على ضرورة الاهتمام بالوقاية وعدم التساهل مع أي اشتراطات صحية أو تدابير احترازية اتخذت بشأن مكافحة فيروس كورونا. أما استشاري مكافحة العدوى والأستاذ المشارك بكلية الطب بجامعة الباحة الدكتور محمد عبدالرحمن حلواني فيقول: قد يرجع انتشار فيروس كورونا المسبب لمتلازمة العوز التنفسية إلى عدة أسباب: أولها انتقال الأشخاص المكتسبين للفيروس بين مناطق المملكة المختلفة إما للزيارة أو العمل وبالتالي ظهور أعراض المرض في مناطق مختلفة، وثانيا ضعف الوعي الصحي لدى العامة من حيث آداب السعال حيث إننا ما زلنا نرى الكثير في الأماكن العامة كالمطارات والأسواق يضعون أيديهم على أنوفهم عند العطاس وبالتالي تلوث أيديهم ثم يقومون بمصافحة الغير أو لمس الأسطح المختلفة بأيديهم الملوثة. أما السبب الثالث فيختص بموسم توالد الجمال خلال الفترة الحالية ما ببن مارس وأبريل، حيث أكدت الدراسات الأخيرة ظهور الفيروس في الجمال الوليدة بنسبة أكبر خاصة أن الدراسات رجحت بنسبة كبيرة دخول الجمال كعائل وسيط وليس حاضنا رئيسا للفيروس، وقد تلعب الرياح دورا في انتقال الفيروس من مناطق وجود الجمال إلى أماكن أخرى. وانتهى د. حلواني إلى أن السبب الرابع يتعلق بعدم تحديد بعض الحاملين للفيروس من الأصحاء والذين لا تظهر عليهم أي أعراض وبالتالي قيامهم بدور خفي في انتقال الفيروس، وهنا يؤكد على ضرورة إجراء دراسة مسحية لأكبر عدد ممكن من الأصحاء لمعرفة مدى وجود أجسام مضادة للفيروس في عامة الناس، فلو كان كذلك فهو دليل أكيد على وجود حاملين للفيروس غير معروفين لعدم وجود أعراض فيهم، قادرين على نقل العدوى بين الناس. من جانبها قالت استشارية الفيروسات وعضو هيئة التدريس في جامعة طيبة الدكتورة إلهام طلعت قطان، إن الأجواء الباردة تلعب دورا هاما في انتشار الفيروسات التنفسية كالإنفلونزا العادية بينما نجد في الصيف مع ارتفاع الحرارة تقل أعداد المصابين. ولفتت إلى أن جميع الفيروسات لها القدرة على التمحور أو التطفر والتنقل بين الأنواع المختلفة داخل العائلة الواحدة مما يكسبها القدرة الفتاكة على إحداث مضاعفات خطيرة إذا كان الفرد يتمتع بمناعة ضعيفة، لذا فإنه لا يمكن الجزم وتحديد موعد اختفاء فيروس كورونا. وأكدت أن الوقاية تكون بتجنب أماكن الازدحام وغسل اليدين بشكل مستمر، وتطبيق كل اشتراطات مكافحة العدوى في المستشفيات والمراكز الصحية. بدوره قال أخصائي الفيروسات الدكتور أحمد عبدالعزيز إن الفيروسات التنفسية عادة لا يمكن السيطرة عليها بسهولة بسبب قدرة انتقال العدوى من الشخص المصاب إلى السليم، وبالتالي نجد أن فيروس كورونا يتمتع بخاصية التحور الجيني وهو ما يعطيها القوة بجانب صعوبة تطوير لقاح لمواجهتها، ومن هنا يتضح لنا أن كورونا مازال يسجل إلى الآن حالات فردية في بعض المناطق مع التنوية بأن هناك أفرادا قد يصابون بالفيروس ويشفون تلقائيا دون الحاجة إلى علاج وهذا يسهل انتقال العدوى للآخرين لذا فإن الوقاية كفيلة بتجنب العدوى. وأكد أنه من الملاحظ أن ظهور الفيروس مرتبط بالحالة الموسمية أيضا، ومن المتوقع أن تزيد الحالات مع شدة البرودة، حيث لوحظ قلة الأعداد المسجلة في الصيف مع ارتفاع الحرارة وهذا يفسر أن للطقس دورا هاما في انتشار الفيروس وظهور الحالات.