المتابع للحركة الأدبية والثقافية في المملكة سوف يلحظ أن هناك محاولات لوجود فعل ثقافي.. ولكن هذا الفعل لا يذهب بعيدا في صناعة ثقافة حقيقية وكبيرة، إذ إن الحركة الثقافية في عمومها قائمة على تكريس أسماء بعينها في المناسبات والملتقيات الثقافية والأدبية في الداخل والخارج، إضافة إلى أن الذين يمثلون المملكة في المؤتمرات الثقافية والمهرجانات الشعرية هم أسماء محدودة، وكأن المشهد الثقافي السعودي يختصر في هذه الأسماء، إضافة إلى أن الحركة الثقافية السعودية قائمة على الفرقعات الثقافية والبحث عن بطولات شخصية خاصة في الأندية الأدبية، ذلك أن غالبية من يحتلون واجهة الأندية الأدبية أسماء في مجملها ليس لها علاقة بالأدب والثقافة والإبداع.. بل إن بعضهم دخل إلى الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية من الباب الخلفي، وهناك من لم يعرف عنه لا شاعرا ولا كاتبا أو قاصا، وإن صرح إنه كذلك فليس له أي حضور إلا كونه عضوا في هذا النادي أو ذاك وتلك هي إحدى سلبيات الانتخابات في الأندية الأدبية التي أتت بأناس لا تاريخ أدبيا لهم. إن المشهد الثقافي يمثله أسماء حقيقية وكبيرة لها فعلها المعرفي والثقافي والفكري، في مقدمتهم الدكتور عبدالله الغذامي صاحب المشروع الثقافي الكبير، والذي بدأه بكتاب «الخطيئة والتكفير» والذي احدث دوياً وقت صدوره، إضافة إلى توالي كتب الغذامي الأخرى من كتاب «المرأة واللغة» إلى «النقد الثقافي» وكتابه «الفقيه الفضائي» ثم كتابه «القبيلة والقبائلية» ، ثم نجد أسماء أخرى فاعلة كالدكتور سعد البازعي من خلال طروحاته النقدية التي بدأها بكتابه «ثقافة الصحراء» ، ثم كتبه الأخرى منها كتابه «قلق المعرفة» ، والدكتور سعيد السريحي الناقد صاحب الذائقة الشعرية العالية والرؤية النقدية والفكرية الحصيفة، بدءا من كتابه «الكتابة خارج الأقواس» حتى كتابه «حركة اللغة الشعرية» و «تقليب النار على الحطب» وغيرها من الكتب، ثمة أسماء في الحركة الثقافية السعودية لها دور فاعل في الفكر؛ مثل الدكتور تركي الحمد الذي ينظر إليه كونه روائيا أصدر عدة روايات جعلته حاضرا وفاعلا عبر رواياته التي أثارت جدلا كبيرا في الحياة الثقافية السعودية مثل الثلاثية «الشميسي» و«الكراديب» و«العدامة» و«رواية شرق الوادي» وغيرها من الروايات، غير أن الجانب الذي لا يقل أهمية هو كتبه الفكرية، والتي يبرز منها «من هنا يبدأ التغيير» و«السياسة بين الحلال والحرام»، و«وعن الإنسان أتحدث». وغيرها من الكتب والتي تحمل رؤى فكرية وسياسية عميقة. في الروايات يبرز هنا الراحل الكبير غازي القصيبي.. عبر دواوينه الشعرية، غير أن أعماله الروائية كانت الأكثر حضورا، خصوصا رواية «شقة الحرية» ورواية «العصفورية» و«7» . وغيرها من الرويات. ثم يأتي الروائي الموهوب عبده خال الحائز على جائزة البوكر العالمية صاحب روايات «الموت يمر من هنا» و«مدن تأكل العشب» و«ترمي بشرر» وغيرها من الأعمال الروائية والقصصية. ثمة أسماء حاضرة محليا وعربيا مثل الأسماء التي ذكرتها، غير أن هناك أسماء لا تقل أهمية مثل الروائية البارزة رجاء عالم والروائي يوسف المحيميد ورجاء الصانع. غير أن المشهد الثقافي السعودي يفتقر إلى غياب الاشتغال على قضايا فكرية والاهتمام بها، خصوصا في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية، ومن هنا لا بد أن نكون حاضرين في القضايا الفكرية والسياسية والخروج من دائرة القضايا الأدبية والرومانسية الكتابية ومحاولة الخروج من دائرة القضايا الصغيرة.