يواصل الروائي والكاتب السعودي المعروف محمد المزيني مشروعه السردي والروائي بنهم كبير فما زالت روايته السابقة تحظى بالقبول والرواج والحضور على مستويات عدة. ويستعد المزيني لإصدار رواية جديدة ذات عنوان مثير (انفرادي)، حيث تتناول الرواية حقبة تاريخية ملتهبة بالأحداث والتحولات التي تعرض لها الخليج العربي تلك الواقعة ما بين 1990 وحتى 2005م يقول المزيني عن روايته الجديدة: تبدأ الرواية من حكاية صغيرة لشخصيتها الرئيسة رياض الذي عانى من الحرمان صغيرا وعاش حياته بما يشبه التشرد الذي قاده للتقاطع مع أشخاص مجهولين، بما يشبه المصادفات، لذلك بدت حياته أشبه ما تكون بحزمة مصادفات ليس له أدنى تصرف بها، وكلما حاول اختيار طريق محدد منها عاندته الظروف وألجأته إلى الطريق الذي لم يرغب المضي فيه، ليستسلم أخيرا إلى تصاريف القدر التي طوحت به في السجن على خلفية تورطه بشخوص الحياة التي تظهر له فجأة وتجذبه إليها مرغما، ليجد نفسه داخل دهاليز متنقلا بين العنابر، وفيه تعرف على شخصيات لم يكن يتوخى أن يقابلها ذات يوم، عثر فيها على شيء من عزائه المفقود. داخل الرواية نقلات مكانية وزمانية بدأت من الرياض ثم الدمام ثم بيروت ولكل مدينة زخمها الخاص وإيقاعها المختلف وشخوصها الاستثنائيون، لم تخل الرواية من الرصد الدقيق للتحولات التاريخية، وقد اختلطت كحياة كاملة بالمجتمع والفن والسياسة، ووجد أن ثمة ارتباطا سريا وثيقا بين الفن والسياسة، كشف عن تلك العلاقات من خلال تنامي الأحداث داراماتيكيا، كشفت الرواية عن تلك الحياة الخاصة القابعة في دهاليز العمل الصحفي، إذ انضم رياض إلى فريق عمل صحفي، قادته مهاراته التحريرية الخاصة لاكتشاف الزوايا الخافية عن المجتمعات الطبيعية، مبرزا تلك العلاقة التضادية بين ملاحقتها للأخبار وكشف ما توارى منها، وسرياتها التي لا يصل إليها سوى من خول له التماس معها بشكل وبآخر. ربما ستعد رواية انفرادي شهادة سردية عن حقبة شديدة الخصوصية. يقول الروائي محمد المزيني: لم أكن لأفضي بفحوى هذه الرواية لولا إلحاح الصديق الروائي عبدالرحمن العكيمي، سر هذه الرواية أن بدأت كتابتها مع أول صاروخ سكود انطلق باتجاه الرياض، فقررت أن أشاغل نفسي بالكتابة وحيدا منفردا من واقع ما يحدث وما آلت إليه الحرب، دونتها بما يشبه المذكرات وتركتها بعدما أسدل الستار عن هذه المعركة الكونية المصغرة باندحار القوات العراقية، تركتها حتى اكتملت رؤية إعادة صياغتها بما يتواءم مع أحداثها، لا أدعي أن شخوصها وأحداثها حقيقة واقعية بشكل تام، فقد اختلطت كضرورة سردية بالمتخيل الذي يلقي على الواقع بلمعة خاصة، لذلك أضفت على العنوان عبارة (محاولة فهم ما لا يحدث).