بحزن أكتب عن أبينا الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. أكتب عن الملك الذي أحب شعبه بصدق فبادله الشعب الحب والوفاء. أكتب عن الملك الذي لا يسميه الأطفال إلا «بابا عبدالله»، ولا يصفه شعبه إلا برجل الإنجازات العظيمة، ولا تذكره المرأة السعودية إلا بالوفاء والعرفان لما حققه لها من أمنيات ومطالب. بحزن أكتب عن ملكنا الراحل، وأمامي قائمة طويلة جدا من الإنجازات التي حققها الراحل في فترة لا تتجاوز العقد من الزمن، أجل أقل من عشر سنوات، لكن بلادنا شهدت خلالها تحولات جذرية، ونقلة نوعية شاملة لمختلف مناحي الحياة، في الاقتصاد، في التعليم، في الصحة، في المجتمع، في الحقوق، وفي قضايا المرأة، وفي الحريات، وفي ملفات الفقر والبطالة ومكافحة الفساد وغيرها، هذا فضلا عن ما حققه في حقول السياسة الخارجية من منجزات عززت مكانة هذه البلاد ودورها المحوري على الساحة الدولية. رحل أبو متعب للقاء وجه ربه محفوفا بدعوات شعبه الصادقة، وترك وراءه سيرة مذهبة ومدججة بالإنجازات العظيمة، التي لا يحققها إلا أولو العزم من الملوك. عزاؤنا سلمان ومن لطف الله بهذه البلاد وشعبها أن خفف عليهم ألم الفقد ووقع الخسارة، أن يأتي العزاء بفقيد الأمة الراحل متبوعا مباشرة بمبايعة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف حفظهم الله جميعا ليكملوا مسيرة البناء والتنمية والعطاء، أجل سلمان هو عزاؤنا في عبدالله. ومن لطف الله بهذه البلاد وشعبها أن تتم عملية وداع الملك الراحل، وانتقال السلطة لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في جو أخوي وبمنتهى السرعة والسهولة التي تحفظ للبلاد أمنها واستقرارها وطمأنينتها وراحة بال شعبها. لقد جرى كل شيء في سياق آلية راسخة في هذه البلاد، تضمن انتقالا سريعا وهادئا للسلطة، على نحو أسقط كل رهانات المتآمرين والحاسدين من أعداء هذه البلاد الذين أرجفوا كثيرا لعل وعسى أن تتحقق بعض تمنياتهم التي صاغوها وروجوها على مدى أشهر فذهبت هباء خلال ساعات. مقرن .. حدث ولا حرج كثيرون تحدثوا عن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز الرجل صاحب التجربة الثرية في الحياة التي بدأت من العسكرية، مرورا بتجربته الطويلة في إماراتي حائل والمدينة المنورة، وانتهاء بمؤسسات الدولة، والأدوار والمهمات الخاصة التي أسندها لها الملك الراحل، وأنا أقول عن كل هذه التجارب حدث ولا حرج. حدث ولا حرج عن تواضعه وبساطته التي أصبح مضرب المثل فيها. وعن احترامه للوقت والتزامه بالمواعيد وحبه للعمل والنظام وعن اهتمامه بالأدب وعنايته بالأدباء، ودعمه للمرأة وحقوقها.. حدث ولا حرج. لقد تشرفت أن واكبت تجربته الغنية في حائل لنحو عشرين عاما من موقعي كصحفي، تعرفت خلالها على المزايا الإنسانية المدهشة والمتفردة لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز كما يعرفها كل أهل حائل صغيرهم وكبيرهم ممن ما زالوا يتبعون اسم الأمير مقرن كلما جاء ذكره بعبارة «الله يذكره بالخير». ففي كل حقل من حقول الحياة ترك الأمير مقرن في حائل قصصا تشهد له بالصدق والحب والإخلاص للوطن والمواطن. ودموع الأمير مقرن التي ذرفها بصدق ومحبة عند وداع أهل حائل له لا تزال تبلل كل ذكرياتهم معه. وليعذرني القارئ إن اكتفيت بهذه اللمحات دون سرد شيء من تفاصيلها، فالمجال لا يتسع إلا لمثل هذه العناوين السريعة. رحم الله الملك الشجاع عبدالله بن عبدالعزيز، وحفظ الله قائدنا سلمان بن عبدالعزيز وأمده بنصر من عنده. ووفق الله ولي عهده الأمير مقرن، وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف.