فجع الشعب السعودي بل والمجتمع العربي والإسلامي والعالمي بنبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، الذي انتقل إلى جوار ربه في يوم فضيل وووري جثمانه الثرى في الساعة الأخيرة من هذا اليوم ونحسبها ساعة استجابة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتغمد فقيد الأمة وقائدها بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل منزلته في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. لقد حظي رحمه الله باحترام قادة العالم أجمع لما كان يتحلى به من حكمة وبعد نظر لكونه بوابة أمان للعالم العربي والإسلامي في أشد الأزمات والشواهد على ذلك كثيرة. وإن أردنا حصر الإنجازات التي تحققت في عهده رحمه الله فلن نستطيع حصرها في مقال واحد ولن نوفيه حقه من الحديث مهما كتبنا عن إنجازاته التي لا تعد ولا تحصى، وعلى رأسها اهتمامه اللا محدود بتوسعة الحرمين الشريفين البيت الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الإنجازات التي لا يتسع المجال إلى ذكرها وتفصيلها فبصماته ظاهرة - رحمه الله - ستظل في الذاكرة تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل إلى ما شاء الله، فقد كان رحمه الله رمزا للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي فرسم الخطط والبرامج القصيرة وطويلة المدى للنهوض بالمملكة، وقد أنجز ما خطط له ورسمه في فترة وجيزة لا تتجاوز العشر سنوات فترة توليه مقاليد الحكم ملكا للمملكة العربية السعودية. ففي عهده - رحمه الله - وصلت المملكة إلى أقصى مراحل الأمن والاستقرار في مختلف الأصعدة رغم كل الاضطرابات التي تعيشها الدول المجاورة من فوضى وفقدان الأمن وعدم الاستقرار، وما كان ذلك ليتحقق لولا هذا الالتفاف الشعبي الذي يتمتع به - رحمه الله - لذا كانت بلادنا عصية على كل طامع وعابث وفاسد. فرحم الله عبدالله ملك القلوب والإنسانية وبلا شك أن غيابه خسارة عظيمة للأمة والوطن ولا نقول إلا كما قال سبحانه جل في علاه «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون». ولكن ما يعزينا في هذا المصاب الجلل أنه «إذا مات سيد قام سيد» وأن الراية قد أوكلت إلى من هم أهل بحملها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله صاحب التاريخ الحافل بالنجاحات والإنجازات، وصاحب المنهج الإداري الرصين، حيث تقلد مناصب عدة أميرا لمنطقة الرياض سنوات طويلة ووزيرا للدفاع ووليا للعهد، ومن خلال هذه الخبرة العريضة والكاريزما التي يمتلكها، أقول نحن اليوم نعيش في ظل قيادة رشيدة يقودها ملك قادر على حفظ أمنها واستقرارها ومقدراتهاومكتسباتها والعمل على تشييد ما قامت عليه دولتنا المباركة من إرساء دعائم الدين وتحقيق شرع الله في الظاهر والباطن. وما كان تعيين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وليا للعهد إلا لما يمتلكه من رؤى واضحة ومتمعنة عن أحوال المجتمع السعودي والمجتمع الدولي ما جعله يتمتع بشخصية قيادية صنعتها المواقف المتعددة التي مر بها في جميع مراحل حياته. وبلا شك فإن حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في تهيئة الجيل الثاني من أبناء الأسرة المالكة لاستلام دفة الحكم بعد عمر طويل لقادة بلادنا حفظهم الله بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا لولي العهد ووزيرا للداخلية، ما هي إلا لترسية المملكة وحفظ استقرارها وضربة موجعة لمن تسول له نفسه الضعيفة زعزعة أمن مملكتنا الغالية..لله درك يا سلمان ملكا حكيما وقائدا عظيما.