في الصباح الباكر من يوم الجمعة ومن أعماق أوروبا وبداخل كشك صغير لبيع الصحف والدوريات، كان الحديث بين البائع والمشتري عن رحيل ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان خبر الوفاة بالبنط العريض للصحافة قاطبة وهي الصحافة المعروفة بصرامتها وعدم محاباتها لأي شخص كان، إلا أن التاريخ والمنجزات دفعها لكتابة صفحة إنجاز في تاريخ الراحل الكبير. هؤلاء الأوربيون المعروفون بثقافتهم ومتابعتهم لما ينشر في الصحافة بدقة، يتقاسمون الحديث عن إنجازات الملك الراحل، ويستعرضون قوة الحكم وسلاسة انتقال السلطة في أكبر بلد نفطي على حد تعبيرهم. كانو مقرين بالتأثير السعودي على المحاور كافة في أصقاع الأرض. يستحضر المشتري في نقاش عابر الزيارة الأخيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى فرنسا، ويستحضر في ذات اللحظة الخطاب التاريخي في قصر الأليزيه الذي حمل هموم الأمة من تنامي سطوة الإرهاب الى الأوضاع المتأزمة في بعض البلدان العربية من فلسطين الى سورية ولبنان مرورا بالعراق وليس انتهاء باليمن. جاءت مضامين حديث هذا الرجل الذي وصف سلمان بن عبدالعزيز برجل الحكم في عيون الأوربيين، و هو واقع يقره ويستحضره الإعلام بمختلف وسائله. أوروبا عموما وفرنسا خصوصا لا تعرف سلمان الحاكم أمس بل لعقود كان حاضرا على المشهد في جولات سياسية مهمة. كانت الوجهة بعدها الى منظمة اليونيسكو حيث مقر عملي، وإذا بدول العالم تحت سقف واحد تستحضر مبادرات الملك عبدالله الداعية إلى تقارب الثقافات والانتماءات الدينية لتحقيق رسالة سلام حضارية تنسجم مع مبادئ وقيم البشرية. هي ذات الرسالة التي نادى وأكد عليها الملك سلمان بن عبدالعزيز في ثنايا خطابه التاريخي من منصة المنظمة الأممية، الذي تضمن صون السلم والأمن بالعمل الثقافي التعليمي بهدف توثيق عرى التعاون بين الأمم والإسهام في تربية النشء على القيم الإنسانية المشتركة. هذه السياسة السعودية التي وضع ركائزها المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وعمل عليها أبناؤه الملوك حتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله رسخت الحكم محليا وصنعت مؤسسات دولة غيرت الواقع السعودي لتكون المملكة محط أنظار شعوب العالم؛ بها روحانية الإنسان وقدسية المكان، ومنها تستلهم الشعوب الحديثة مآلات المصير المشترك للبشرية خاصة عندما تقرأ هذه الشعوب رزانة الاقتصاد السعودي وانهيار ذلك الروسي على سبيل المثال. وعندها يكتشف المواطن الأوروبي سر الاستقرار السياسي والتكامل المؤسساتي في بلد قدر الله له السكينة والأمان في محيط مشتعل. ولم يتأت ذلك إلا برشد وحكمة قيادة حكيمة، تسعى لاستقرار إقليمي دولي مكن الإنسان السعودي في أصقاع الأرض وحوله من مجرد مشارك إلى صانع قرار ولاعب رئيس في التكامل العالمي.