بقدر حزن الشعب على فقدان مليكه، كان حزن مروجي الإشاعات ومختلقي الفتن على الصلابة والثقة واللحمة التي أظهرتها الأسرة المالكة وهي ترسخ كالعادة انتقالا سلسا للحكم يعزز مناخ استقرار البلاد ويرسم آفاق مستقبلها. سلمان بن عبدالعزيز ملكا، ومقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد، ومحمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا لولي العهد، إنها خارطة طريق عبد بعناية ليقود للمستقبل المشبع بآمال الاستقرار والطمأنينة والثقة. ومن راهنوا على غير ذلك عليهم الآن أن يتجرعوا مرارة خسارتهم، فالاستقرار الذي ظل دائما عنوان رخائها ودافع بنائها سيستمر كذلك. أما المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فإننا ننعاه جسدا ونستبقيه في ذاكرتنا روحا، فعهده الزاهر سيبقى حيا في وجدان شعب أحبه واعتبره والدا لا حاكما، والدا لشعب عايش همومه ومشكلاته وحمل آماله وطموحاته. سيدون التاريخ في صفحات عبدالله بن عبدالعزيز الكثير والكثير من الإنجازات العظيمة، وسينصفه المستقبل كما أنصفه الحاضر، فالشجرة التي زرعها أبو متعب شجرة مثمرة ستستمر الأجيال القادمة في قطف ثمارها. سيذكره التاريخ على أنه خادم الحرمين الشريفين الذي انطلقت في عهده أكبر توسعة للحرمين الشريفين في تاريخ البشرية، والملك الذي وفر لأبناء شعبه أضخم برنامج ابتعاث مجاني للدراسة في أفضل الجامعات العالمية. ستكون القفزة التنموية الهائلة في المرافق الجامعية والتعليمية والصحية ومشاريع المطارات والنقل العام وتوليد الطاقة وشبكات الطرق شاهدا على عهد زاهر قادته نواياه المخلصة لخدمة شعبه وتحقيق أمانيه. لقد قاد رحمه الله بلاده بكل حكمة في مرحلة حرجة من الأحداث السياسية العاصفة فجنبها تقلبات الأمواج المتلاطمة ونجح في ضمان استقرارها اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا بينما كانت الأرض تهتز من كل الجهات المحيطة بها. رحم الله الملك الإنسان الصالح عبدالله بن عبدالعزيز، فقد كفى ووفى، وأعان الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على حمل الأمانة، وهو الذي ظل يشارك في حملها طوال حياته، فسلمان بن عبدالعزيز ابن هذه الأرض الطيبة، لامس ترابها واستنشق هواءها فتملكه عشقها وروح إنسانها.