الأديب الراحل عبدالعزيز الرفاعي، رجل اتسم بخلق رفيع واسهامات ثقافية متعددة، يتحدث عنه في ذكرى وفاته، عدد من الأدباء والمثقفين، لبيان ملامح شخصيته الثقافية والأدبية، الذين تغنوا بقول الشاعر: ذهب الذين يعاش في أكنافهم .. وبقيت في خلف كجلد الأجرب، ومن المشاركين في هذه الذكرى: الكاتب والباحث عبدالفتاح أبو مدين، وعضو مجلس الشورى سابقا الدكتور سهيل قاضي، والباحث والأكاديمي الدكتور عاصم حمدان، والباحث الدكتور عائض الردادي، والشاعر والكاتب سعد البواردي، والباحث عبدالرحيم الأحمدي، والباحث والكاتب محمد القشعمي. يجمع هؤلاء الباحثين، أن عبدالعزيز الرفاعي، كان مثالا للأخلاق الرفيعة والقدوة الحسنة، وظل صالونه الأدبي لسنوات طويلة وهو يخدم الحركة الادبية، وتقرأ في حياته نبل الإنسان، وثقافة العقل، وتواضع الكبار، ويعد جامعة فكر وثقافة وأدب وأخلاق فكل ما تعنيه حياة الانسان من معنى، رجل جمع بين الشرع والأدب وتعددت مساهماته الإيجابية في الحركة الأدبية والتاريخية، إضافة إلى مساهماته النقدية الموضوعية في الادب السعودي، ومن أوائل من فتح داره في الرياض لإقامة ندوات ثقافية وأدبية، بدأ ندوته الأدبية التي عرفت تاريخياً باسم ندوة الرفاعي، واحتفل عام 1432ه بمرور 50 عاما على بدايتها، حيث استمرت في حياته 30 عاما، ثم أشرف عليها أحمد باجنيد، واسماها «ندوة الوفاء»، وتنعقد اسبوعياً، وكانت أيام الرفاعي موضوعاتها مفتوحة، فأصبحت موضوعاتها محددة بموضوع واحد يدور النقاش حوله، وتعد أقدم ندوة ثقافية، ويطلق عليها «أم الندوات»، وجميع الندوات التي جاءت بعدها حذت حذوها، وكان الرفاعي يرى أن الثقافة بدأت بالسماع قبل الكتاب، ومن هنا جاءته فكرة الندوة، وروادها من أشهر المثقفين من الداخل والخارج، ولا يصل مثقف كبير من خارج المملكة إلا يكون ليلة الجمعة في ندوة الرفاعي، ويكون هو المتحدث الرئيس، ومن أبرز رواد ندوة الرفاعي حمد الجاسر وعبدالله بن خميس وبدوي طبانة ومحمد علي السنوسي وعبدالله بالخير والدكتور محمد عبده يماني رحمهم الله جميعا، بل ان الندوة أبرزت شعراء ظهروا من خلالها مثل أحمد باعطب رحمه الله، وعصام الغزالي، وعرف الرفاعي بأدب الدرس، وأدب النفس، فهو أديب كبير وبخاصة في الوصف النثري، وهو ذو أدب جم في التعامل مع الناس ويكاد يجمع كل من عرفه على علو شأنه في التعامل مع الآخرين مثقفين وغير مثقفين، ومن ابرز أعماله الثقافية مشروعه «المكتبة الصغيرة» التي احتوت على عدد من الكتب الصغيرة كل كتاب في موضوع وصلت إلى حوالى 50 كتاباً، لأنه كان يرى أن هذا ايسر طريق لتعميم الثقافة، فهو رائد من رواد الأدب في المملكة، ورائد في تأسيس الصوالين الأدبية، وكان صالونه الثقافي يعد قناة تواصل مع المفكرين والأدباء في العالم العربي، وعلى غراره نشأت صوالين أخرى. وفي عام 1405ه، طلب الرفاعي دعم الكتاب السعودي وتسهيل وصوله إلى المدن العربية الكبرى، وأحيل الاقتراح الى وزير الإعلام آنذاك (علي الشاعر)، وشكلت لجنة من وزارة الاعلام ويمثلها صالح الضراب، ومن وزارة المعارف ويمثلها محمد الموسى، ومن الرئاسة العامة لرعاية الشباب ويمثلها محمد القشعمي، التي اجتمعت مع الناشرين ومن ضمنهم عبدالعزيز الرفاعي، صاحب الاقتراح، الذي أصدر «المكتبة الصغيرة»، سافرت اللجنة الى ثلاث دول؛ من الخليج الكويت، ومن المشرق العراق، ومن المغرب العربي تونس، واجتمعت مع الناشرين وأصحاب المكتبات الكبرى، ومع مديري الثقافة في البلدان نفسها، وعرفوا كيف التعامل مع الكتاب، وكيف يتم وصوله إلى يد القارئ العربي، ورفعت تقرير بعد ذلك بإقامة دار نشر كبرى محلية مدعومة من الدولة بعشرة ملايين ريال، مع مساهمة دور النشر المحلية بمبالغ معينة، على أن يشتري من كل مؤلف سعودي قيمة تكاليف طباعة كتابه.. ويبقى السؤال الذي طرحه الباحث محمد القشعمي: أين هذا المقترح الذي اقترحه الرفاعي؟