الحرب النفسية هي في الواقع الاستعمال المخطط والممنهج للدعاية ومختلف الأساليب النفسية للتأثير على آراء ومشاعر وسلوكيات العدو بطريقة تمكننا من تحقيق الأهداف بيسر وسهولة، كما أنها وسيلة مساعدة لتحقيق الاستراتيجية القومية للدولة. والحرب النفسية مؤصلة في جذور الفكر الإنساني، وتشن في وقت السلم والحرب على السواء، فتوظف لها كل الإمكانات والمقدرات، من سياسية، واقتصادية، وعسكرية، وإعلامية، وغيرها من القوى التي تتفاعل مع بعضها لتحدد كيان المجتمع وشكله، ولأن مجال النشاط فيها لا حدود له فإن مفهوم الحرب النفسية يختلف باختلاف المفاهيم. وهذه الحرب استخدمت مصطلحات عدة تعبر عن ما تدور حوله ومنها الحرب الباردة، وحرب الأفكار، والحرب الأيديولوجية أو العقائدية، وحرب الأعصاب، والحرب السياسية، والاستعلامات الدولية والإعلام الدولي والعدوان غير المباشر، وحملة الحقيقة. ويسعى كل طرف من أطراف النزاع من خلال هذه الحرب قبل المعركة وأثناءها إلى إضعاف موقف الطرف الآخر عن طريق شن هجوم عنيف على القوى الروحية والنفسية لديه وتعزيز مواقعه. ومن الصور التاريخية للحرب النفسية ما قام به جنكيز خان الذي استخدم قوات مدربة وسريعة الحركة، كما استخدم العملاء والجواسيس والدعاية، فأشاع بأن أعدادهم لا تحصى، وأن طباعهم شرسة وقاسية، وبذلك استطاع أن يخيف الخصوم، ويكسر معنوياتهم، فكانت الشعوب تهرب من الأوطان خوفا منه، والجيوش تستسلم وجلا، وهذا ما قامت به دولة «داعش» عندما جزت الرقاب، وقتلت بلا رحمة، واستطاعت أن تحتل الموصل في وقت قياسي، وكذلك فعلت إسرائيل عندما وصفت نفسها بأنها الجيش الذي لا يقهر لكنه قهر عام 1973م. لقد استخدم المغول أيضا المخططات الدعائية والأساليب النفسية المختلفة للتأثير على مشاعر وسلوكيات العدو بطريقة تمكن هذه القوى من الوصول إلى أهدافها، لكن المسلمين هزموهم بإذن الله، وكشفوا ضعفهم في معركة (عين جالوت) التي وقعت في 25 رمضان عام 658ه الموافق 3 سبتمبر عام 1260م والتي انتصر فيها المسلمون المماليك انتصارا ساحقا على المغول، فكانت بداية هزائمهم، واعتبرت من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام. الحرب النفسية أصبح الإرهابيون أيضا يستخدمونها في تخويف الطرف الآخر وعلى العسكريين التنبه لهذه الحرب ومواجهتها على أرض الواقع.