توحدت، يوم أمس، الجوامع في المملكة بإدانتها للاعتداء الإجرامي الإرهابي الآثم الذي حصل ب«مركز سويف الحدودي» بجديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية، وأدى إلى استشهاد 3 من رجال الأمن البواسل وإصابة آخرين. وصدحت منابر الجمعة بخطب تشجب الإجرام الذي استشهد فيه رجال الأمن وما انطوى عليه هذا العمل من إفساد في الأرض وانتهاك لحرمة الأنفس المعصومة وإثارة للفتنة. وقد تناولت جميع الجوامع هذه الحادثة الأليمة، إذ سعى خطباء الجمعة إلى فضح أعمال ومخططات الفئة الضالة وبيان حكم ما اقترفوه من جرائم والتأكيد على أهمية الأمن والاستقرار ومسؤولية كل فرد في المجتمع عن ذلك، واستنكار استهداف المواطنين الآمنين ورجال الأمن، ما يعد إفسادا في الأرض وخروجا عن طاعة ولاة الأمر وسفك الدم الحرام. وطالب الخطباء بضرورة محاربة الفكر الضال بشتى السبل وبتكاتف الجميع، محذرين من الخوارج وخطرهم، وحذروا المسلمين من الفتن وأكدوا على ضرورة المحافظة على أمن ووحدة الوطن الغالي وطاعة ولي الأمر، وخطر الفتنة على الأوطان والشعوب وتربص الأعداء بهذه البلاد وأهلها ووجوب محاربة هذه الفئات الضالة. وكان وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، قد وجه إدارات وفروع الوزارة بالتشديد على الخطباء بتناول هذا الموضوع الخطير في خطبهم ليوم أمس الجمعة. ففي الوجه، بدأ الشيخ عبدالجليل بن بكر الفقيه إمام وخطيب جامع البديوي بمحافظة الوجه خطبة الجمعة أمس قائلا: «رحم الله من بات يحمي البلاد من المجرمين الغادرين من مهربي المخدرات وتجار الأسلحة والمتفجرات، فيتم أولادهم ورمل نساءهم وفجع قلوب محبيهم وروع الآمنين في بلادهم»، مؤكدا أن كل من سعى بقول أو فعل لإحداث الفوضى والاضطراب في بلاد المسلمين عاد وبال ذلك عليه في الدنيا قبل الآخرة، مبينا أن استهداف أمن المسلمين واستقرارهم من كبائر الذنوب، ومن أشعل فتنة تسفك فيها الدماء ويختل الأمن ويزول الاستقرار بلغته نارها فأحرقته، فالجزاء من جنس العمل، موضحا أن من أهم مقومات الأمن والاستقرار لزوم جماعة المسلمين، مستشهدا بجواب النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأله حذيفة رضي الله عنه عن زمن الفتن عما يفعل إن أدركه ذلك، فقال عليه السلام: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)، وبقوله عليه الصلاة والسلام: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، إلا مات ميتة جاهلية)، وبين الفقيه في خطبته أن فعلة من استهدف رجال أمننا في حدودنا الشمالية فقتل ضباطهم وجنودهم رحمة الله عليهم أجمعين ليست والله من دين الله في شيء، فهم يسعون في الأرض فسادا للإخلال بالأمن، فقلت عندهم هيبة الدم المعصوم وحرمته، حتى أصبح الواحد منهم يتقرب إلى الله بإراقة الدماء التي عصمها الله، متسائلا سؤالا استنكاريا عن جزاء من قتل نفسه بحزام ناسف ليقتل معه روحا مسلمة زكية معصومة صائما صاحبها مصليا الفجر مع الجماعة أهو أي الجاني في الجنة أم في النار، وأكد أن فعله هذا يعد من أكبر المنكرات. أما في خميس مشيط، فقال الشيخ أحمد الحواشي إمام وخطيب الجامع الكبير إن من الضرورات الخمس التي أجمعت عليه أمم الأرض من يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة، حفظ الأنفس وعدم الاعتداء عليها، ولهذا شدد في عقاب من قتل نفسا بغير حق في الدنيا والآخرة. وأضاف أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ترويع المسلم لأخيه المسلم، ولو مازحا، وتساءل: «فإذا كان هذا كله (القتل والأذى والترويع) حراما على المسلم، فلا ندري ما حجة هؤلاء الشباب الذين يتعمدون قتل المسلمين في ديارهم، سواء أكانوا مدنيين صغارا وكبارا، أو عسكريين يحفظون على الناس أمنهم في المدن والقرى والشوارع والصحارى وهم نائمون؟». وفي الباحة، استنكر أئمة وخطباء جوامع ومساجد المنطقة العمل الإجرامي الذي تعرض له رجال الأمن البواسل في الحدود الشمالية منتصف الأسبوع الماضي، وأدى إلى استشهاد 3 من رجال الأمن، حيث أكد الشيخ عبدالله بن أحمد القرني إمام جامع الملك فهد بالباحة ورئيس محكمة الاستئناف بالباحة بأن من يقوم بمثل هذه الأعمال الإجرامية يعتبر خارجا عن الدين الإسلامي، وأن مصيره النار. وفي حائل قال إمام وخطيب جامع اللحيدان بحي شرق المجمع بحائل الشيخ حسين بن غنام الفريدي أن من حكمة الله سبحانه أن يبتلي عباده المؤمنين بالقيام بنصرة هذا الدين، والاعتزاز به، والحرص على ظهوره، وعدم اليأس من ذلك؛ لأن الله تعالى وعد بظهور هذا الدين على جميع الأديان، واستمراره إلى قيام الساعة. وأبان الشيخ الفريدي أن الخوارج ودعاة الغلو قد نالوا من المسلمين في دمائهم وأموالهم وأعراضهم أكثر مما نالوا من الكفار وأعداء الإسلام. فبدلا من أن يكونوا أذلة على المؤمنين، صاروا عذابا عليهم، وسيفا مسلولا عليهم. وهذا أمر واضح يراه الناس ويسمعون به عبر جميع الوسائل والقنوات، ويعيشونه واقعا مريرا، لا ينكره إلا صاحب هوى، أو من هو راضٍ بأفعالهم. وهذه البلاد التي حملت راية التوحيد من أكثر الدول معاناة من قبل هؤلاء. ففي كل مرة تسمعون شيئا مما يفعله هؤلاء الخوارج مع أهل التوحيد، خصوصا مع رجال الأمن. حيث يفعلون ذلك معتقدين حل دمائهم وأموالهم، وآخر ذلك ما سمعه القاصي والداني في مركز سويف الحدودي في مدينة عرعر، من قتل ثلاثة من أبناء هذه البلاد ورجال أمنها على أيدي هؤلاء المارقين.