لا يجد شباب بريدة، بدائل للترفيه في المنطقة، سوى التوجه للبراري والتجمعات الشبابية والاستراحات الخاصة، بينما وعود الأمانة بتأمين المواقع الخاصة لازال متعثرا، رغم أن الجميع يتفق على أهمية استغلال قدرات وطاقات الشباب، ولقطع الطريق أمام الانحرافات السلوكية من ناحية، ولمنع استهدافهم من ناحية أخرى. ويؤكد أحمد الصالح، أن في بريدة حدائق مميزة لكنها للأسف للعوائل فقط، فهناك منتزه وطني لكنه غير مهيأ، وسمعنا عن تدشين نادي سيارات وسباقات ورعاية هواة التطعيس ولكن ذلك لم يحدث سوى فعاليات موسمية، وأصبح الشباب يبحث عن التغيير وهذا يجبره على تتبع الآخرين الذين قد يكونون على خطأ مثل تجمعات التطعيس في براري بعيدة جدا والدوران في الشوارع. ويعتقد حمود الشمري طالب جامعي، أن الفراغ هو من قتل طموحنا وجعلنا نقضي خارج البيت ساعات طويلة قد تؤدي ببعض الشباب للانحراف السلوكي، وقال: نحتاج لأشغال أوقاتنا ومنحنا الثقة من قبل المجتمع مع توفير مراكز تزودنا بالدروس والدورات والمحاضرات التي تصقلنا في هوايتنا، فعلى سبيل المثال أنا أحب التصوير، وأجد فيه متعة، ومتى ما تمت دعوتي للمشاركة والتصوير في المناسبات تجدني مشغولا، وليس لدي فراغ، لذا يجب استغلالنا، كذلك نحتاج مراكز رياضية وشبابية. ويضيف عبدالله العناز قائلا: ما يقود الشباب للانحراف هي البطالة والفراغ، لذا نحتاج إلى ما يشغل أوقاتنا فما يقدم من برامج شبابية غير كاف، الانحرافات كثرت ليس للشاب سوى المقاهي والتفحيط والتطعيس أو التسكع في الشوارع مللنا من أنفسنا، نحتاج مراكز شبابية تثقيفية توعوية وصالات رياضية الوضع صار صعبا للغاية، والشباب لا يجد متنفسا. ويرى عامل مقهى الشيشة والنارجيلة محمود فتحي: معظم رواد المقهى من الشباب تتراوح أعمارهم بين 17 – 25 ويحضرون في أي وقت خاصة في الصباح الباكر ومعظمهم عاطلون يشربون الشيشة ثم يذهبون للنوم بعد الفجر، وهكذا ومن خلال حديثي معهم أجدهم عاطلين وبدون عمل وبعظم انهى تعليميه ولا يجد وظيفة حسب قولهم . ويشدد الدكتور عمر بن سليمان الشلاش الأستاذ المساعد بقسم علم النفس بكلية التربية جامعة شقراء، أنه في عصرنا الحاضر، ونتيجة لتعدد الثقافات وتنوعها من حولنا، ومع التغيرات المتسارعة في جميع مجالات الحياة سواء الاجتماعية والاقتصادية أو غيرها، وكذلك الثورة المعلوماتية والاتصالاتية والفضائية فإن الشباب يواجه مشكلات بدأت تأخذ في الازدياد بشكل أكبر عما سبقهم من أجيال، وفي مقدمة هذه المشكلات البطالة، وزيادة أوقات الفراغ لديهم، وكثرة السفر لخارج البلاد، هذا بالإضافة إلى ما تركته هذه التغيرات من آثار سلبية على حياة هؤلاء الشباب وتطلعاتهم المستقبلية من عدم مواصلة لتعليمهم الجامعي أو الفني، وعدم وجود فرص للعمل بعد التخرج أو حتى خلال الإجازة الصيفية، وعدم قدرة على الزواج، وقلة في المرتبات، إضافة إلى عدم وجود أماكن لقضاء أوقات فراغهم تكون مزودة بوسائل تهيئ لهم الاستمتاع بقضاء هذه الأوقات. وأشار إلى أنه مما يزيد الأمر خطورة -أيضا- وقوعهم فريسة لكثير من الانحرافات التي ترتب عليها صدور استجابات وسلوكيات غير سوية وغير مسؤولة ولا تتناسب مع أعراف المجتمع وعاداته وتقاليده وقبل ذلك تعاليمه الإسلامية، وذلك كتعاطي المخدرات، والسرعة الجنونية والتفحيط أثناء قيادة السيارات، وعدم التقيد بأنظمة المرور وما ينتج عن ذلك من حوادث مرورية مروعة، وإيذاء للآخرين، وكذلك الكتابة على الجدران وغيرها من السلوكيات التي يمارسها الشباب كرغبة نفسية داخلية في التخلص من التوتر الناتج عن مثل تلك المشكلات التي يواجهونها. ويبين الشلاش أنه مع تزايد هذه المشكلات يتضح لنا الحاجة إلى إدراك لهذه المشكلات ولضرورة مواجهتها، والتعامل معها بمستوى من الوعي والمسؤولية، ومن ثم الإسهام في تقديم الحلول المناسبة لها والمتمثلة في علاج مشكلة بطالة الشباب وتوفير فرص عمل مناسبة لهم تستنهض هممهم وتنمي الدافعية للعمل لديهم، وتستثمر طاقاتهم، وتحفزهم على الإخلاص والإتقان والجودة ليساهموا في الارتقاء بمجتمعهم، وإتاحة الفرصة لهم لقضاء أوقات فراغهم في أماكن ترفيهية تكون مخصصة لهم تحتوي على ساحات وملاعب رياضية وقاعات ترفيهية وأندية علمية، وكذلك خلق جو ومناخ من الحوار على كافة المستويات الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والدينية يشارك فيه جميع فئات الشباب من طلاب مدارس وجامعات وموظفين يتم من خلاله الاستماع إلى آرائهم وأفكارهم للتعرف على مشاكلهم وتوجيههم وبناء الثقة فيهم بأنفسهم وبقدراتهم، ومن جانب آخر تقوية بعض قيم التماسك والتكافل الاجتماعي لديهم من خلال تنمية وتعزيز القيم الإسلامية وذلك حتى يكون الشعور بأهمية المشاركة في تطوير وتنمية وبناء مجتمعهم شعورا داخليا نابعا من ذواتهم، بالإضافة إلى تحقيق التكافؤ بين الشباب فيما يتعلق بالفرص المتاحة لهم في التعليم والتوظيف والرعاية والابتعاد عن المحسوبية والمحاباة والواسطة وذلك ليسود جو من الشعور بالاطمئنان والعدالة فيما بينهم، وأخيرا الاهتمام بإجراء مزيد من الدراسات التي تتعمق في مشكلات الشباب وقضاياهم الاقتصادية والدينية والاجتماعية والأسرية وذلك بهدف الوصول إلى علاجات تربوية واجتماعية تتناسب مع طبيعة مشكلاتهم.