فشل، يوم أمس، التصويت لصالح تمرير مشروع القرار العربي الهادف إلى وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويعود مرد هذا الفشل لاستخدام أمريكا حق الفيتو بمشاركة العضو الذي أوشك على مغادرة مجلس الأمن في أول يناير، وهي دولة أستراليا. وعندما كان العرب يعدلون في قرارهم (قبل عرضه للمجلس)، سارعت الولاياتالمتحدة بإعلان أنها لن تدعم أي نص يحدد جدولا زمنيا لإنهاء مفاوضات السلام مع إسرائيل. وقال المتحدث باسم الخارجية الإمريكية: إن «مشروع القرار ليس بناء. نعتقد أنه يحدد مهلا اعتباطية لنجاح مفاوضات السلام ولانسحاب إسرائيل من الضفة الغربية، وخطر تعرقل المفاوضات هو أكبر من فرص تكللها بالنجاح» . هذا هو موقف مهندسة السلام في المنطقة، وموقفها من انتهاء الاحتلال ليس غريبا، فهي قد أجازت لنفسها اجتياح دولة عربية، فلماذا لا تبقي على احتلال ترى في بقائه مصلحة وطنية واستراتيجية مستقبلية. لكن يظل السؤال قائما في البحث عن الضمير العالمي، والمسؤولية الأخلاقية والقانونية لهيئة الأمم (ممثلة في مجلس الأمن)، إذ لم يستطع مجلس الأمن خلال سنوات طوال من الانتصار للحق وإنهاء أبشع أنواع الاستعمار، مع التغاضي عن إذلال وإخضاع شعب وأرض لممارسات المحتل من غير تطبيق مبادئها أو قراراتها السابقة، أو على الأقل منع الاعتداء الإسرائيلي المتكرر على شعب أعزل. وتعسف أمريكا بالوقوف ضد القرار يبقيها مدانة (على الأقل في ضمائرنا نحن كشعوب عربية وإسلامية)، فقد طال تعنتها من قضيتنا المصيرية، بينما نجد دولا أخرى (لها حق الفيتو) قد تبدلت مواقفها وتحركت للأمام، إذ وافق على تمرير مشروع القرار العربي كل من الصين والروس وفرنسا، مع امتناع بريطانيا عن التصويت وعدم استخدامها للفيتو. أقول ليس غريبا موقف أمريكا، لكن ثمة غرابة في سرعة عرض مشروع القرار المعدل (من أجل تلافي الفيتو الأمريكي)، وذلك من خلال سرعة التصويت عليه قبل أول يناير، إذ كان مقررا انضمام خمسة أعضاء جدد في أول يوم من السنة الجديدة، وهم: أنغولا وماليزيا ونيوزيلندا وإسبانيا وفنزويلا، بدلا عن الأرجنتينوأستراليا ولوكسمبورغ ورواندا وكوريا الجنوبية. فالمنضمون الجدد يحمل سجلهم التأييد للقضية الفلسطينية، وبوجودهم يمكن ارتفاع عدد الدول الموافقة على تمرير القرار، فبدلا من وقوف ثماني دول مع تمرير القرار، كان بالإمكان ارتفاع نسبة المصوتين لصالح القرار. يظل الاحتلال الإسرائيلي أخبث ورم سياسي أصاب الضمير العالمي الذي ارتضى به يتضخم يوما بعد يوم، من غير أن يبحث له عن علاج أو استئصال.