ليس هناك إنسان يثير حنقي وأسفي أكثر من الأحمق، الذي هو كالنار التي إذا لم تجد ما تأكله، تأكل نفسها بنفسها. ومن أروع الأحاديث الشريفة ما روى عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام عندما قال: ليس القوي بالصرعة أي بالعضلات ولكن القوي من ملك نفسه عند الغضب. كما أنه قدم النصيحة لأحد الصحابة قائلا له: لا تغضب، وكررها ثلاث مرات. وقد يأتي البعض للأحمق بالأعذار قائلين: صحيح أنه سريع الغضب ولكنه سريع الرضا، وقلبه طيب، وردي على هؤلاء هو: الله لا يبارك فيها من حياة إذا كانت تسير على كف عفريت، إنني قد أتعايش مع مجنون لأنني عرفت وضعه، ولكن من المستحيل أن أتعايش مع أحمق لا يتحكم بأعصابه. وما أكثر التشبيهات التي تنطبق على هذا النموذج المشوه من الناس، فهو مثلما ذكرنا يشبه النار التي إذا لم تجد ما تأكله أكلت نفسها، أو يشبه سيارة بدون (فرامل)، فمهما كانت جميلة ولامعة وغالية الثمن، فهي في النهاية لا بد أن تكون كارثة على نفسها وعلى مالكها. وأصدق تشبيه أقدمه للقارئ عن الأحمق، فهو يشبه تماما حيوان (الموس)، وهو نوع من (الوعول) الكبيرة، فعندما يغضب أحدها يذهب ويمرغ رأسه ووجهه بالوحل. وهناك حكم أصدرته محكمة بريطانية عندما أمرت بخلع أسنان شاب مصاب بمرض (التوحد)، وذلك لمنعه من إيذاء نفسه؛ بسبب أنه إذا غضب لأقل وأتفه الأسباب، وإن لم يجد هناك من يعضه، يأخذ بعض أصابعه أو يديه أو فخذيه أو قدميه إلى درجة الإدماء. ويا ليت هذا الحكم بخلع الأسنان يطبق على كل الحمقى، لنرتاح من صرير أسنانهم. ولكي أهدئ عليكم قليلا، سأضرب لكم بعض المواقف السخيفة لبعض الحمقى: فهناك عامل آسيوي، عندما عرف في المطار أنه سوف يرحل بخروج نهائي دون عودة، انتابته حالة من الحمق (الهستيري)، فما كان منه إلا أن يخلع ملابسه نهائيا، وما نتج من حماقته في النهاية إلا أن يسجن، ثم يرحل بعدها ويداه مغلولتان (بالكلبشات). وامرأة أمريكية حمقاء، عندما رفض زوجها معانقتها، وأراد الخروج أمسكت بقميصه وشدته ومزقته من دبر، ثم لحقت به تريد أن تطعنه بالسكين، لولا أن قفز وفتح الباب وهرب، ولم يرده غير قسم الشرطة، وحكموا عليها بالسجن والغرامة، ولو أنني كنت المسؤول لحكمت عليها بالمنع والحرمان من (المعانقة) طيلة حياتها. واكتشف أنه حتى (الكمبيوتر) من الممكن أيضا أن يصاب بالحمق، وذلك عندما وصلت فاتورة تلفون تطالب شاعر المليون (نايف بن مسرع الدوسري) بسداد مبلغ (206) ملايين ريال قيمة مكالمات مستحقة، وعند مراجعته للشركة اعتذروا؛ لأن هناك خللا قد حصل. ونصيحتي (لابن مسرع) أن يسرع برفع دعوى على الشركة وكمبيوترها الأحمق. ولا يمكن لي أن أختم هذا المقال الأحمق بغير بيت الشعر الخالد هذا: لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها.