تمر غالبية المنشآت الربحية وغير الربحية بمنعطفات تاريخية من شأنها إحداث تغيير جذري يضرب أركان هذه المنشأة، والبعض يكون سلبيا، والبعض يكون إيجابيا. وهنالك شركات عالمية تجارية ورياضية تكاد تكون خرجت كليا من سباق المنافسة. رياضيا، نجد فرقا تدهورت بعد أن وصلت للقمة كنوتنغهام فورست، والذي حقق كل شيء حتى بطولة أبطال أوروبا مطلع الثمانينات، والآن يقبع في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي. ومحليا، رأينا الاتفاق والذي حقق أول بطولة خارجية للمملكة، وحقق الدوري مرتين وكأس الكؤوس الخليجية أربع مرات، والأندية العربية ثلاث مرات، والآن يقبع في الدرجة الأولى باحتمالية بسيطة لعودته لدوري عبداللطيف جميل. استمرار النجاح لا يكون ببقاء عناصر النجاح السابق (بعض الأحيان يكون مدمرا)، بل يتعدى ذلك للمادة عصب الحياة والإدارة الحصيفة، والتي تعترف بأخطائها ولا تكابر. فكم من فشل لأمثلة تجارية أو رياضية كان سببه الرئيسي غياب هذا التفكير، والذي يؤمن بالاستماع للغة العقل والأرقام، وعدم استمراء العناد، والأهم قراءة احتياجات ومتغيرات المستقبل أسرع من المنافسين. رياضتنا تعاني كثيرا، وخضنا مرارا بالأرقام مدى تدهورها كنتائج أو مستوى، بل تعدانا كثيرا أبعد المنافسين لنا قبل عقدين من الزمن، والسبب بأن أسلافنا قرأوا المستقبل جيدا حتى وصلوا لتلك النتائج آسيويا أو عالميا، وما نحن فيه الآن نتاج عدم رؤية ثاقبة قبل عشرين عام فيما يخص رياضتنا. فنتاج تفكيرنا وتخطيطنا اليوم سيجنيه أبناؤنا بعد عقد على أقل تقدير. وهو ما نراه الآن تحديدا من اعتماد الميزانيات الرياضية للعام المقبل من البدء في إنشاء 11 ملعبا في أرجاء المملكة، أو إنشاء لأكثر من 20 مقرا للأندية وذوي الاحتياجات، وهو تجسيد رائع لتحديث بنيتنا الرياضية التحتية، والتي عفى عليها الزمن. فالرؤية السديدة للقيادة في إنشاء ملعب مدينة الملك عبدالله بجدة تتجسد يوما بعد يوم في حضور مذهل للجماهير ودفع العجلة الاقتصادية لأنديتنا الرياضية، والتي يجب أن تخرج من جلباب الدعم الحكومي «فقط» والهواية لعصر الصناعة والتجارة. وهذا التفكير وحيدا هو ما سينهض برياضتنا مرة أخرى، ولعل التصريح الأخير للرئيس العام لرعاية الشباب فيما يخص فريق عمل التخصيص وتطوير الاستثمار الرياضي، خطوة مهمة في هذا الاتجاه، والتي تتبناه قيادتنا لإشراك القطاع الخاص في ملكية هذه الأندية وإدارتها بفكر تجاري بحت لا يغفل الجانب الاجتماعي لنا. ما قل ودل: يا عصر الهواية .. كفاية!.