يفخر المسلمون في الحبشة واريتريا بأن أول صلاة للمسلمين بعد مكةالمكرمة كانت في بلادهم خلال هجرة المسلمين الأوائل إلى الحبشة فرارا من اضطهاد المشركين لهم في مكةالمكرمة، ويقولون : إن المهاجرين الأوائل وصلوا إلى مملكة أكسوم بالحبشة لكنهم مكثوا قليلا على الساحل الأريتري في قرية اسمها حاليا رأس مدر. وقد أرسلت قريش وفدا إلى النجاشي ملك الحبشة وطلبت إليه أن يعيد المسلمين إلى قومهم بمكةالمكرمة وكان مع الوفد هدايا أهدوها إلى بطارقة الحبشة فكلموا النجاشي فقال لهم : لا والله لا أسلمهم إليهم فقد جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي، ثم دعا المسلمين وقال لهم : ما هذا الدين الجديد ؟ فقال له جعفر بن أبي طالب : أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأوصانا بصدق الحديث، وأداء الأمانة وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة، ثم مضى مستمرا في الإفصاح عن أمور الإسلام إلى أن قال : فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من عند الله، فعبدنا الله وحده ولم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل الله، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. فقال النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله شيء ؟ قال جعفر: نعم . فقال النجاشي : فأقرأه علي، فقرأ عليه صدرا من سورة مريم. فبكى النجاشي حتى ابتلت لحيته وبكى أساقفته حتى اخضلوا لحاهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به المسيح ليخرج من مشكاة واحدة، ورفض النجاشي تسليم المسلمين إلى وفد المشركين. ثم لما ألح وفد قريش على التسليم بحركة أخرى فأمر النجاشي أساقفته برد هدايا قريش التي جاؤوا بها، وقد أسلم النجاشي رضي الله عنه. نلاحظ هنا عدم ذكر الترجمة فهل كانت لغة الحبشة قريبة من لغة قريش بحيث يفهمون القرآن، أم أن جعفر تعلم لغة الحبشة أم كان بينهم مترجم ؟ لكننا هنا في مجال آخر ونترك أمر الترجمة للمؤرخين وأهل اللغة. السطر الأخير : إنا وجدنا بلاد الله واسعة تنجي من الذل والمخزاة والهونِ