المقاطع المتداولة لجرائم بعض الجنود العراقيين وأفراد المليشيات الشيعية المتطرفة المدعومة من إيران في العراق لا تقل وحشية عن تلك المتداولة لجرائم بعض جنود «داعش»، بل إنها في بعض المقاطع أشد وحشية، حيث تم إحراق أحياء وتعذيب مصابين وتشريح جثث قتلى بشكل لا يمت بصلة للطبيعة البشرية! لكن التعاطي الإعلامي الدولي، وأحيانا العربي، كال بمكيالين في التشهير والتنديد بهذه الجرائم، فقد طغى الهدف السياسي على الجانب الأخلاقي في التعامل مع جرائم كل طرف، ففي العراق تكاد الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الشيعية المتطرفة وبعض فصائل الجيش العراقي المتلونة طائفيا تمر مرور الكرام لولا فضائح المقاطع التي يصورها الجنود المتطرفون للتباهي أو إرهاب الخصوم، بينما مشاهد الطرف الآخر يتم إبرازها وتتخذ حجة لشن الحرب عليهم! في الحقيقة، كلا الطرفين يرتكب جرائم حرب بنفس الدرجة من البشاعة، وكلا الطرفين يستحق الإدانة والمحاسبة على جرائمه، وكلا الطرفين يستحق المحاربة والهزيمة، وكلا الطرفين يتحملان مسؤولية الأزمة الطائفية في المنطقة، وإذا ما أراد العالم التخلص من داعش، فعليه أن يتخلص من الأسباب المتطرفة المقابلة التي أدت لقيام التنظيم وجعلت له بيئة حاضنة تحتمي به! ستظل المنطقة تدور في حلقة مفرغة ودوامة من العنف الطائفي ما دام المجتمع الدولي عاجزا عن إدراك أن إبطال مفعول القنبلة الطائفية يتطلب نزع فتيلين للقنبلة لا فتيل واحد!