بسبب الظروف الاجتماعية القسرية والاختيارية تنشأ لدينا قضايا ومشاكل لا يمكن سماعها في مجتمع آخر، وإذا وجدت لا يمكن أن تكون بمستوى أهميتها لدينا، ومنها ملف العمالة المنزلية (الشغالات والسائقين تحديدا) الذي لا تخلو صحيفة يومية من أخباره ومستجداته وكأنه قضية وطنية استراتيجية تتوقف عليها حياة مجتمعنا، خصوصا بعد أن انتبهت دول الاستقدام لنقطة ضعفنا هذه وبدأت فرض ما تشاء من شروط وصل بعضها حد المبالغة والتعجيز، وتضامنت معها فوضى مكاتب الاستقدام التي تفرح بمصائب أهلها وتثري منها. الآن، يبدو أن العاملة المنزلية على وجه الخصوص لن تكون جزءا من تكوين معظم المنازل السعودية، فقط العائلات الميسورة وذوو الدخول المرتفعة سيكون بمقدورهم تحمل تكاليف استقدام ومرتب العاملة والوفاء ببقية الشروط الإضافية التي تزداد من وقت لآخر، فقد نشرت عكاظ يوم الأحد الماضي أن تكلفة استقدام العمالة المنزلية بلغت في بعض المكاتب حدها الأعلى (23 ألف ريال) وقد تطول مدة الاستقدام إلى 12 شهرا، واحتمال كبير أن تكون العاملة «مضروبة» وغير صالحة للقيام بمهمتها، أو تغادر المنزل سريعا إلى المجهول، لتضيع نقود المستقدم ويسلم أمره لله. وفي جانب آخر، فقد نشرت صحيفة مكة في نفس اليوم أن بعض الدول المصدرة للعمالة قررت ألا يتجاوز مرتب العاملة أو السائق 10 % من راتب السعودي الذي يفترض ألا يقل عن 15 ألف ريال لأن مرتب العمالة يتراوح بين 1500 إلى 2000 ريال، ما يعني أنه لن يكون بمقدور أصحاب الدخول الأقل من 15 ألف التفكير في الاستقدام. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يفيد خبر آخر أن وزراء العمل الخليجيين اعتمدوا خلال اجتماعهم في الكويت نهاية الأسبوع الماضي بندا يسمح للعاملات المنزليات بالإقامة خارج منازل كفلائهن بعد أن يؤدين 8 ساعات عمل يوميا باستثناء يوم الإجازة، وهنا بإمكانكم التمادي في تخيل ما يمكن أن يحدث نتيجة ذلك. سيدخل مجتمعنا السعودي منعطفا تاريخيا بسبب الشغالات والسائقين لأنه معتمد عليهم، وإلى أن يصبح مجتمعا طبيعيا كبقية مجتمعات الأرض عليه أن يواجه هذه الأزمة، وكان الله في عون مجتمع الشغالات والسائقين.