غيب الموت الشاعر والأديب اللبناني والعربي الكبير سعيد عقل عن عمر يناهز مئة وسنتين، مختتما بذلك مسيرة شاعر عربي ملأ الدنيا وشغل الناس بأخباره وأفكاره ومواقفه السياسية والقومية. ولد سعيد عقل في الرابع من شهر يوليو عام 1912 في زحله. وقد برز متفوقا في مدرسة الإخوة المريميين في زحله، حيث بدأ دراسته حتى أتم قسما من المرحلة الثانوية. وكان يعتزم التخصص في الهندسة، إلا أنه وهو في الخامسة عشرة من عمره خسر والده خسارة مالية كبيرة، فاضطر الفتى أن ينصرف عن المدرسة ليتحمل مسؤولية ضخمة وأعباء بيت عريق. فمارس الصحافة والتعليم في زحله. لكنه استقر في بيروت منذ مطلع الثلاثينيات وكتب بجرأة وصراحة في جرائد «البرق» و«المعرض» و«لسان الحال» و«الجريدة» وفي مجلة «الصياد». ودرس في مدرسة الآداب العليا، وفي مدرسة الآداب التابعة للأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، وفي دار المعلمين، والجامعة اللبنانية. كما درس تاريخ الفكر اللبناني في جامعة الروح القدس، وألقى دروسا في معهد اللاهوت في مار أنطونيوس الأشرفية. كل ذلك بدقة وإتقان وترسل بادع حتى صح فيه قوله عن سنة 1944 أطلت مسرحية قدموس، عمارة شعرية ذات مقدمة نثرية رائعة، وبدأ سعيد عقل يكون مهندس النفس في الأمة اللبنانية، إن قدموس لون جديد من الملاحم التي تهز ضمير الأمة. سنة 1950 أشرقت شمس «رندلى» وصار الحب أحلى، غدا يخصص له ديوان كامل، ففي غمرة الشعر التقليدي والغزل الإباحي الفاحش رد سعيد عقل إلى المرأة تاجها، فغدت من بعده تحب كوكب الغزل النبيل الذي يمكن أن يقرأ في أي مكان. وبعد «رندلى» الشعر سميت مئات البنات بهذا الاسم. يذكر أن الشاعر سعيد عقل كان موضع اختلاف عند كثير من المثقفين والشعراء والسياسيين في لبنان والوطن العربي حول موقفه المرحب بالغزو الإسرائيلي لبيروت عام 1982م.