جهود حثيثة تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف للحفاظ على ما تمتلكه المحافظة من تراث عمراني تحتضنه أرضها منذ مئات السنين، فيما تمتاز بعوامل جعلت من العمارة فيها شأنا يشاد به، حيث ضمت قصورا شامخة جمعت عناصر العمارة الإسلامية ومزجتها بالرومانية فيما بقت الطائف حاضنة لكل عمران ذات قيمة. ولا يمكن أن تغفل كتب تاريخ الجزيرة العربية الطائف كمدينة تاريخية قديمة منذ آلاف السنين، ولا يغيب ذكرها في التاريخ أو التراث أو الآثار والعمارة وأخيرا السياحة والاقتصاد، حيث يقول المؤرخ المعروف عيسى القصير إن الطائف أحد المراكز الحضارية القليلة التي قام بتعريفها العرب والعجم منذ ما قبل الإسلام في جزيرة العرب. وأضاف: هذه المدينة لفتت إليها الأنظار وشدت الانتباه واستأثرت باهتمام خاص من علية الناس قادة وشعراء وأدباء ورحالة وقد كانت مصيف أهل مكةوجدة منذ القدم بنو بها القصور وتملكوا الكثير من البساتين والدور وقصدها خلفاء وأمراء وقادة وهذا ما رفع من شأن الطائف حيث ذاع صيتها وتداول الناس ما كتب عنها فهي تقع على قمة جبل غزوان على بعد 75 كيلو جنوب شرقي مكةالمكرمة بعد جبال السروات التي تمتد من الشام إلى اليمن وترتفع هذه المدينة عن سطح البحر بحوالي 1700م. وقد هيأ لها موقعها المرتفع ملتقى الطرق التجارية إلى بلدان اليمن والشام والحجاز والعراق حيث استطاعت أن تكون مركزا تجاريا هاما وأن تلعب دورا حضاريا في المنطقة، وقد أخذت المدينة على مر العصور شهرة عريضة نظرا لموقعها الفريد واعتدال هوائها وفواكهها، وكانت على الدوام مقصدا للمصطافين من مكةوجدة والرياض وغيرها من المدن والبلدان فهذه العوامل القوية جعلت من العمارة فيها شأنا عظيما. هذا وتشتهر الطائف بعدد من القصور والقلاع والسدود التي تؤكد عراقتها في التراث العمراني ومنها (قصر شبرا، قصر الكاتب، قصر الملك عبدالعزيز بجبرة، قصر الملك سعود، قصر الكعكي، قصر الدهلوي، قصر البوقري، قصر الجفالي، قصر القامة)، بالإضافة إلى خان القاضي وبيوت القاضي وبيوت الحلواني وبيوت بافيل، فيما احتوت على العديد من الحصون كحصن بديوي، والسدود بالعصر الإسلامي الأول كسد السملقي وسد قريقير. كما احتوت الطائف على عدد من القلاع كقلعة العرفاء وقلعة مروان وقلعة مشرفة، وبرك عديدة وأبراج منها برج غلفة أحد أبراج سور هذه المدينة التاريخية، فيما تميزت القصور بتعدد أدوارها وروعة بنائها بالحجر والأجور والجص والأخشاب المزخرفة، وقد جمعت هذه القصور الكثيرة من الابداعات الفنية فيوجد بها الزخارف الحجرية والزخارف الخشبية والجيصة نباتية أو حيوانية بحفورات غائرة ومنحوتات مجسمة، كما لا يفوت ما مر على هذه القصور من أحداث تاريخية لها ارتباط بالدولة السعودية فقد سكن بعض منها مؤسس الدولة السعودية الملك عبدالعزيز «غفر الله له» وتوارثها ملوك مثل الملك سعود والملك فيصل «رحمهما الله» أجمعين واتخذ بعضها مواقع لإدارة الدولة فيها فقد اتخذ الملك فيصل «يرحمه الله» قصر شبرا مقرا له لإدارة الدولة في وقت الصيف. مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار عبدالله السواط أكد أن دور الهيئة كبير في الحفاظ على التراث العمراني، وخاصة في مدينة تاريخية كالطائف، ومنها حصر كل تلك المواقع وتسجيلها في الهيئة، إضافة إلى اعادة وتأهيل المباني التراثية، والمحافظة عليها، ووضعها من ضمن المسارات السياحية، إلى جانب عمل مطويات ومنشورات وكتيبات، وعمل دراسات بالتعاون مع شركاء هيئة السياحة كأمانة الطائف والجامعة.