أخذ يرتب أوراقه بسرعة، حبيبته التي هجرته منذ سنين هاتفته: - علمت بأمسيتك الليلة، لا تركن للسياسة فيها، لا تفسدها على الأقل كما فعلت بحبنا. أقفلت السماعة وتركته في ذهول.. بدأ أمسيته بقصيدة مهداة لأطفال قانا، ثم راحت القصائد تتغنى بالوطن، قصيدته الأخيرة وهبها لملجأ العامرية... الحضور وقف مصفقا طويلا، بينما طيف حبيبته توارى للأبد... فص أزرق التعب قد نال منها، تمر الأحداث بذاكرتها كشريط أزلي يختزل أحلامها الكبيرة، التفت لها الطبيب: - ماذا حصل؟ - الخاتم، علق ولا أستطيع خلعه. - حسنا، هذا بسيط، سنقوم بقطعه، لا تخافي... أخذ يقطع المحبس وهي ترى شريط أحلامها يندثر شيئا فشيئا. - أوه شكرا دكتور. - لا بأس، سنعطيك مرهما وستعودين للبيت في الحال. أمينة وهي تخطو نحو الباب، التفتت إلى حاوية القمامة، كلما اقتربت منها ارتخت أصابعها، عندما وصلت إليها كانت يدها شبه مفتوحة، الأحلام التي ليس لها واقع لا تبقى، أخذت تمشي رغم تعبها بثقة كبيرة، عندما سمعت سقوط الخاتم في الحاوية، رأت الضوء يرافقها والقيد لم يعد هناك. رسالة في منتصف الليل.. أفاق على رنين هاتفه، رسالة قادمة: «قررت اليوم أن ألبس عدسات ملونة عل ذلك يخفي معالم طيفك الماثل أمامي»... أهدى هاتفه قبلة ونام.. في الصباح، وصلته رسالة أخرى: «لم أستطع غيابك أكثر فخلعت عدساتي ولبستك».. غمرته السعادة فأشرقت الشمس..