الحديث عن تخلف المجتمع وتدني ذوقه لا يتطلب سوى لسان شاك وعين باكية، أما العمل والمبادرة وبذل الوسع فقد محيت من قاموسنا للأبد. الجميع يجتهد في تبرئة نفسه وتنقية تصرفاته من الخلل والسوء، وكأن المسؤول عن ذلك هم مجموعة من الأشخاص إليهم ينسب كل خطأ وتعلق عليهم شماعة الخلل، هذا المجتمع الذي تنقده وتلك البيئات التي لم تعجبك ألست أحد لبناتها وفردا من أفرادها؟ لا تلق بأسلحتك وتقف موقف العاجز، لا تترك ما تستطيع فعله وتدخل في جدال حول ما لا تستطيعه، لا تجادل لإثبات ضعفك في حين أنك تمتلك القوة، فأنت قوي بالله ثم بتأييد المصلحين من البشر. صدقني عزيزي القارئ – وأقولها عن تجربة – أنك إذا عملت في موطن قوتك ودائرة تأثيرك ونجحت؛ فإن نجاحك مرة سيقودك في كل مرة بعدها لتحقيق هدف آخر يؤثر في نفسك ومحيطك. يقول العليم في كتابه العظيم: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». من هنا نلحظ أن البداية تكون ب (مباشرة الممكن) مما يقع تحت تصرفاتك وقدراتك ويأتي في مقدمتها (إصلاح نفسك). فالتغيير والتأثير في المجتمع والعالم لا يأتي إلا بتغيير نفسك أولا، ثم أن أفراد المجتمع لو اجتمعوا على سد الثغرات وقيام كل واحد منهم بواجبه وسادت ثقافة (العمل حسب القدرات وبذل الجهد الممكن) سيصلح وسيتغير الحال جزما. يقول مصطفى الرافعي رحمه الله: إذا لم تزد شيئا على الدنيا كنت زائدا عليها. أعلم أنك تسعى للتغير والإصلاح فيما حولك لتترك أثرك في الحياة لأنك شخص غير عاد، فأنت طموح وصاحب رسالة تريد الأفضل وتستحق الأفضل، فابدأ بنفسك وكن أنت التغيير الذي تريده في العالم، انطلق من دائرة تأثيرك، تعرف على مواهبك وقدراتك واستثمرها، اقرأ، تعلم، تدرب، استشر، لاحظ، جرب، غامر، صادق، وتأكد بأنه لا يستحق السعادة من لم يفعل شيئا للحصول عليها. كلمة أخيرة: احمل هم مجتمعك، ولا تجعل مجتمعك يحمل همك.