سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عوض القرني في لقاء مثير ؟؟ تأثرت بالملك فيصل وتابعت صراعه مع الشيوعية واليسار والناصرية ؟ وحداثيي الجيل الحاضر ليبراليون (أكثر وقاحةً وتحللاً ) والنوابت التغريبية في المملكة من أهم الأزمات ؟؟؟
بعض الحوارات والغوص المهني الخبير في باحات شخصيةٍ عامةٍ ما ؟ لاتفقد بالضرورة رؤيتها وأهدافها مهما طوت الأيام عليها من ستار الزمن وجدائله !! كون ما جاء فيها انما هو بوح في زمن مضى لكنه أيضاً لزمن لايزال ؟؟ ومن هذا المنطلق وجدنا في (أزد) أن اللقاء الذي أجراه موقع -اسلام اليوم قبل عدد من الأشهر مع المفكر الاسلامي والباحث الشهير - الدكتور / عوض بن محمد القرني - لايزال غضاً طرياً يتجول بنَفَسِ الساعة في العديد من قضايا مجتمعنا الفكرية بكل مهارة وإصاباتٍ مبدعة ! ألزمتنا هنا أن نحتفي من جديد بهذه الرؤى والإجابات التي تفند بصورة صادقة واقع سيل من الهم الذي ينتشر ؟؟؟ فماذا قال القرني في لقائة الذي يتنفس برئة اليوم . ** وُلدتَ ونشأت في مدينة ذات طقس بارد وضباب دائم.. ومع ذلك يلحظ فيك المرء مكاشفة عالية وصراحة إلى درجة (الحدة) أحياناً في مواقفك الفكرية.. كيف تمكنت منك هذه الصفات على الرغم مما يُقال عن تأثير البيئة على إنسانها؟ ج/ نشأت في بيئة ريفية قبلية تعتمد الوضوح والصراحة دون أن تتجاوز حدود الأدب في تعاملاتها وتنبذ المداهنة والنفاق وترى ذلك غير لائق بالرجال ، وتُكبر في الرجل أن يعبر عن نفسه وقناعاته ويتحمل مسئولية ذلك ، ثم علمني الإسلام الصدق ، والوضوح ، وعدم الخشية إلا من الله ، فلعل ذلك كله هو الذي أكسبني ما تذكر. ** ماذا في ذاكرتك الآن من أحداث في فترات الطفولة والشباب التي تجد أنها ساهمت في صياغة أفكار عوض القرني الحالية؟ ج/ هذا سؤال عريض طويل تطلب مني فيه أن أختصر لك أحداث السنين الطوال المحفورة في أعماق النفس في إجابة مختصرة لكن لعل من أهم أحداث تلك الفترة تأثيراً في النفس شخصية الوالد وشخصية الوالدة وما اتصفا به من استقامة ، وصدق ، وشجاعة ولعل من المؤثرات في تلك الفترة حياة القرية الوادعة الساكنة والعيش بين الحقول والمواشي ومواسم الحصاد وأيام البذر والزرع والمراعي ، ولعل من المؤثرات في تلك الفترة بعض أساتذتي وما عانيته في الذهاب للمدرسة الابتدائية والعودة منها مشياً على الأقدام مسافة اثني عشرة كيلو في الصيف والشتاء وفي مواسم الأمطار في أرض وعرة وغابات موحشة ، ولعل من الأحداث التي كانت في تلك الفترة بالغة الأثر في النفس ، حرب السبعة والستين وما تركته من هزيمة في البلاد العربية ، وقبل ذلك الثورة اليمنية التي كانت قريبة من موطننا وسكننا في جنوب المملكة ، ولعل شخصية الملك فيصل الآسرة وكلماته التي كانت تذاع يومياً في برنامج دعوة الحق كانت من المؤثرات المبكرة في شخصيتي ، وذلك ما دفعني إلى أن أقراء وأنا في المرحلة الابتدائية العديد من الكتب عن شخصية الملك فيصل وعن صراعه مع الناصرية واليسار والشيوعية ومن ذلك مثلاً: كتاب " فيصل العظيم " لمنير العجلاني ، ثم تعرفت بعد ذلك على العديد من العلماء والمفكرين والدعاة الإسلاميين إما مباشرة وإلا بواسطة كتبهم أو ما كُتب عنهم فتأثرت بذلك مثل: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الرحمن الدوسري والشيخ عبد الله بن حميد والشيخ حسن البنا والأستاذ سيّد قطب بالإضافة إلى الكثير من علماء الأمة في العصور المتقدمة ممن تواصلت مع تراثهم. ** كيف صنعت نفسك فكرياً وثقافياً؟ وما العوامل التي أثرت في تكوينك المعرفي؟ ج/ صنعت نفسي بالقراءة الدءوبة الواسعة المتنوعة في جميع الفنون والعلوم والمعارف وفي جميع الدوريات والمجلات وفي التواصل مع كل من استطعت التواصل معه من العلماء والمفكرين وبالبحث والدراسة المستمرة الدائمة. ** من الفقه وأصوله، إلى البرمجة اللغوية العصبية، مروراً بالأدب ومدارسه.. كيف تولدت عندك هذه التوليفة؟ وهل ثمة اهتمامات معرفية أخرى تشغل مساحة من حياتك؟ ج/ تكوّن لدي قناعة مبكرة أن الإنسان كلما اتسعت معارفه كلما كان أدق في معلوماته وأنضج في عقله وفكره ، ومن هنا فقد كنت أقراء في كل شيء ، قرأت كتب السنة التسعة ، وغيرها من كتب السنة وقرأت أمهات كتب التاريخ والسيّر ، وقرأت كتب العقائد والمذاهب والفلسفات ، وقرأت أمهات المراجع الفكرية ، وقرأت أمهات كتب الأدب وكثيراً من الدواوين ، وقرأت كتب التاريخ المعاصر والعلوم السياسية والكشوف الجغرافية وغير ذلك من الكتب والعلوم، ومن أهم اهتماماتي بالإضافة للعلوم الشرعية الأدب ، والتاريخ والسياسة. ** كيف وجدت طريقك نحو الالتزام؟ ومتى التقيت بفكر الصحوة الإسلامية؟ ج/ منذ نشأت في طفولتي وأنا والحمد لله في أسرة ملتزمة بل في مجتمع وبيئة ملتزمة وإن كان ينقصها الوعي والنضج الفكري ، وهو ما تشكّل لدي نتيجة لاحتكاكي بالعلماء والدعاة ، وكتب الفكر الإسلامي والمجلات الاسلامية ، ولعل بداية ممارستي لبعض المناشط الدعوية كان وأنا في الرابعة الابتدائي حيث كنت أخطب الجمعة في القرية وألقي بعض الكلمات في بعض المساجد ، وكانت أول كتابة لي في الصحافة وأنا في السنة الأولى المتوسط ، وهكذا كان الأمر. ** هل كان هناك تأثير لشخص ما حملك على الالتزام بفكر الصحوة؟ وكيف كان المشهد الفكري آنذاك في مكان نشأتك؟ ج/ لا أعتقد أن شخصاً بعينه كان هو المؤثر الأقوى في توجهي الإسلامي ، بل كان العديد من العوامل المختلفة هو الذي أدى إلى التزامي وتحديد خياراتي الفكرية ، أما المشهد الفكري فقد كان كما ذكرت بسيطاً وبدائياً لكنه كان ملتزماً التزاماً صارماً. ** هل هناك تمايزات بين فكر الصحوة الإسلامية بين مدن المملكة المختلفة؟ مثلاً هل يتشابه خطاب الصحوة في مدن الجنوب، مع مدن الوسط كبريدة أو الرياض؟ ج/ بلا شك أن هناك مشتركات ، وهناك خصائص وتمايزات بين الأفراد فما بالك فيما بين المناطق والمدن والأقاليم ، فعوامل البيئة والثقافة ، والتاريخ ، والقيم ، والجغرافيا ، والأوضاع الاقتصادية كل ذلك يختلف من منطقة إلى منطقة ، وبالتالي فالمناطق تتشابه في المشتركات وتختلف في الخصائص. ** برأيك ما هي المحطات الرئيسة والمراحل المفصلية في مسيرة الصحوة الإسلامية في المملكة؟ ج/ المسيرات الفكرية والدعوية والاجتماعية يصعب تحديد أحداثاً مفصلية في مسيراتها ، لكن يمكن أن نذكر العديد من المحطات المهمة منها: توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز واعتماد الشريعة الاسلامية دستوراً للبلاد ، ومنها بدايات التعليم وإنشاء وزارة المعارف ، ومنها إنشاء الكليات والجامعات ، ومنها تولي الملك فيصل للسلطة ، ومنها احتلال العراق للكويت ، ومنها قضية الحداثة وغير ذلك. ** ماذا تغير في خطاب الصحوة في السعودية بشكل عام خلال السنوات الأخيرة؟ ج/ أصبح خطاب الصحوة أكثر نضجاً من الناحية العلمية ومن الناحية الفكرية ومن الناحية السياسية وأصبح أقل حماساً من الناحية العاطفية وتوسعت الاهتمامات والطروحات وتحوّل العمل الدعوي من الاجتهادات الفردية اللحظية إلى عمل مؤسسي متخصص في غالب أحواله ، وكذلك أصبح التواصل مع القضايا الاسلامية والقضايا العالمية أكثر وعياً. ** قمت بتأليف كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) وأنت في سن الرابعة والعشرين تقريباً.. وطيلة هذه السنوات لم تعمل على إعادة ما كتبته في الطبعة الأولى أو حتى الإضافة إليها.. هل تظن أن ما كُتب في الطبعة الأولى لا يزال صحيحاً ومقنعاً حتى بعد مرور كل هذه السنوات، وحدوث تغيرات مهمة في الساحة، وحتى في مفهوم (الحداثة) نفسها؟ ج/ أما بالنسبة هل لا يزال صحيحاً ومقنعاً فأعتقد ذلك على أن يؤخذ في سياقه الذي كان قائما عند صدوره ، وكذلك مفهوم الحداثة من حيث الجوهر والجذر الفلسفي التغريبي للحداثة ما زال الأمر كما هو ، أما بالنسبة للإضافة أو التصحيح فأترك ذلك لأعمال أخرى أو أشخاص آخرين. ** هل تعتقد أن كتابك هذا، قلّص أو عطل حركة تيار الحداثة في المجتمع؟ ج/ أترك تقدير هذا الأمر للقراء والمثقفين والمفكرين والعلماء ، وظني أن من المبكر أن نطلق حُكماً نهائياً على أثر هذا الكتاب ، إذ أن القضية ما زالت أحداثها تتفاعل. ** بقاء الناس لنحو عشرين عاماً يتجادلون حول كتابك.. هل تعتبر ذلك وساماً وشهادة تقدير للكتاب؟ ج/ اعتبر ذلك شهادة بأن الكتاب تحدث عن موضوع حساس وبأسلوب وأدلة جعلت هذا الكتاب محل اهتمام ، فإذا أضفت لذلك شهادة كبار العلماء أمثال الشيخ بن باز والشيخ بن عثيمين رحمهم الله وشهادة كبار المفكرين والأدباء فإنني أقول بكثير من الاطمئنان أن الكتاب كان ذا دور فعال في القضية التي تصدى لها. ** اسردْ لنا بعض تفاصيل ملابسات تأليفك للكتاب؟ ج/ كنت مهتماً بالمذاهب الفكرية والفلسفات المادية بالإضافة إلى اهتمامي بالشعر والأدب وكل ذلك دفعني إلى متابعة الحركة الثقافية والأدبية وتجهيز أرشيف لما ينشر فيها وعندما حاولت المشاركة والنقاش والحوار للحداثيين على صفحات الصحف أو على المنابر في الأندية الأدبية وغيرها أقفلت في وجهي الأبواب وتعرضت للتهديد والوعيد ، فعدت إلى أرشيفي الخاص وعزمت على إخراج رأيي ومداخلاتي في ما ينشر وما يقال في كتاب. ** كيف خرج هذا الكتاب في مدة قصيرة لا تتجاوز تسعة عشر يوماً.. وكم كنت تمكث في اليوم الواحد؟ ج/ اعتكفت على نقل النصوص وتنسيقها والتعليق عليها وأحضرت ناسخاً معي في البيت من اليوم الخامس وكنت أعطيه وينسخ فوراً وأراجع ما نسخ وأقوم بتصحيحه ، وكنت أعمل في المكتبة بمعدل أربعة عشرة ساعة يومياً حتى أنجزت الكتاب. ** وهل استشرت شخصيات معينة وأنت تقوم بتأليفه؟ ج/ استشرت اثنين من الإخوة في الفصل الخاص بجذور الحداثة في الفكر الغربي ممن هم أكثر اطلاعاً على الفكر الغربي وعاشوا في الغرب ، ثم استشرت سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الكتاب بعد أن أنجزته ، وقدم له المقدمة المعروفة بعد أن قرء عليه حرفاً ، حرفاً. ** الشاعر محمد العلي في لقاء تلفزيوني له، قال: إن عوض القرني مات فكرياً، وإن الموجودين في الساحة الآن هم الحداثيون على الرغم من كتابه (يقصدك) ضد تيار الحداثة.. كيف ترد على هذا الحديث، خاصة وأنه صدر بصيغ أخرى من مجموعة من المثقفين السعوديين؟ ج/أعتقد أن محمد العلي يخادع نفسه ويحاول خداع الناس ، فلو كان يعتقد حقاً هذا القول لما كنتُ شغله الشاغل في كل مقابلة أو برنامج تلفزيوني وشغل أمثاله منذ أكثر من عشرين سنة ، ثم أريد أن أذكر محمد العلي بأن من ارتبط بمحمد صلى الله عليه وسلم ومنهجه سيكون له نصيب من قول الله سبحانه وتعالى : (ورفعنا لك ذكرك) أما الذي مصيره إلى الموت والاندثار وخمول الذكر وذهاب الريح فهو من ارتبط ارتباطاً أبدياً بماركس ولينين وستالين ومنهجهم ، ومازال وقد بلغ أرذل العمر يعيش على ترهاتهم وأباطيلهم حتى وإن سقطت في العالم كله ، ثم أترك الحكم في هذه القضية للجماهير وللمثقفين وللتاريخ. ** ما شهادتك على الشباب الجديد من مقارعي تيار الحداثة؟ ج/ هناك الكثير من الشباب المتميّزين الذين استوعبوا ما لدى جيلنا وأضافوا له وزادوا عليه ، وهناك بعض الشباب الذين يمتلكون الحماسة والعاطفة دون العلم والوعي والخبرة الكافية في مواجهة هذه الأفكار. ** كذلك.. كيف تنظر للتيار الجديد من الشباب من مناصري الحداثة؟ وهل هناك ثمة اختلافات بينهم وبين الجيل السابق؟ ج/ أغلب الحداثيين من الجيل السابق كانوا من اليساريين وقليلاً من البُنيويين والألسنيِّن ، أما أغلب تيار الحداثة الحاضر فهم من الليبراليين ، والجيل السابق أكثر تعصباً وتنظيماً ، والجيل الحاضر أكثر وقاحة وتحللاً. ** يُلاحظ أنك بعيد- نوعاً ما- عن الإعلام المحلي.. وفي عرف الكثيرين هو أنك "مُبعد" ولست بعيداً برغبتك.. هل سبب ذلك صدامك المستمر مع تيار الحداثة، خاصة وأنه التيار الذي يتردد أنه مسيطر على المشهد الإعلامي هنا؟ ج/ الذي يظهر لي أن هناك أسباب عديدة بعضها من جانبي أنا ، حيث أنني أميل إلى العزلة والانكفاء وعدم الظهور إلا مضطراً ، والجانب الآخر أنني أقيم في منطقة نائية وكل تواصل مع الإعلام يستدعي سفراً وهذا يشق كثيراً ، وثالثاً أن أغلب وسائل الإعلام تبحث عمن يقدم بين يدي قوله ويقرب شيئاً من المديح والتزلف إما للوسيلة والقائمين عليها وإما لمن يحركون الخيوط من خارج المسرح وأنا لا أحسن هذا النوع من القربى والأمر الآخر أن الكثير من وسائل الإعلام تخشى من الاقتراب من الخطوط الحمراء التي كثيرا ما أتجاوزها ، وأنا أتفهم هذه الهواجس التي تدفع وسائل الإعلام إلى التعامل معي بحذر. ** هل محاولاتك الدءوبة لإنشاء مجلات ومواقع إلكترونية صحفية، كانت لبسط نفوذ الإسلاميين في الإعلام وكسر احتكار الآخرين؟ أم للخروج بنفسك عن العزلة التي فرضها عليك الإعلام المحلي؟ ج/ بل هي في الحقيقة محاولة للإسهام في تبليغ الدعوة وإيجاد المنافذ والمنابر للدعاة والمثقفين والأدباء الإسلاميين للتواصل مع جماهير الأمة. ** كثير من المثقفين والإعلاميين يرون أن من يسمون ب(الإصلاحيين) أو المطالبين بالإصلاح.. ليس لديهم موقف ثابت ورؤية موحدة حول الإصلاح وماهيّته.. وهو ما جعل طرحهم لا يجد اهتمام العامة.. كيف ترد على ذلك وأنت تصنف ضمن هؤلاء الإصلاحيين؟ ج/ هذا الاتهام صحيح إلى حدٍ كبير فكثير من المواقف تفتقد إلى العمق الاستراتيجي والتأصيل الشرعي والآليات والوسائل لتحقيق أهدافها وربما كانت ردود أفعال فقط. ** من دون مجاييلك من الدعاة.. يُلاحظ لك حضور عال في مشهد الفتاوى المتصلة بالسياسة (صدرت لك فتاوى قوية آخرها أيام حرب غزة).. لماذا هذا الاهتمام تحديداً؟ ج/ الفتاوى السياسية لا تساوي واحداً في المائة من فتاواي في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والفكرية لكن الإعلام هو الذي يلقي الضوء أكثر على الفتاوى السياسية ويبرزها ويتحدث عنها بسبب حساسية وأهمية موضوعاتها. ** هل تصحيح المشهد السياسي هو بوابة إصلاح عندك مقدم على ما سواه؟ ج/ بل أرى أن الإصلاح الثقافي والفكري والتربوي ثم الاجتماعي تأتي سابقة ومتقدمة على الإصلاح السياسي. ** مع التماسّ الدائم لك مع السياسة.. إلاّ أنك بعيد عن الهمّ الاجتماعي العام (هكذا يبدو لبعض المتابعين لأفكارك وأطروحاتك).. فهل ترى هذه النظرة منصفة؟ ج/ أعتقد أن هذه النظرة تفتقد إلى الدقة في التوصيف وتفتقر إلى الدليل في هذا الحكم بل جل جهودي واهتماماتي هي في الجوانب التربوية والدعوية والفكرية وما اشتغالي بالهم السياسي إلا في حيّزٍ ضيق من اهتماماتي. ** كثر الحديث عمّا اصطلح عليه في الإعلام المحلي ب"مراجعات الدعاة"، ويُقصد بهم مجموعة من الدعاة كانت لهم مواقف معينة بدايات التسعينيات الميلادية.. ما راأيك في مبدأ المراجعة والتخلي عن بعض الأفكار القديمة؟ ثم ما أثر هذا على أنصار الداعية والمفكر؟ ج/ أرى أن مبدأ المراجعات إذا كان يقوم على صدق وعلم ودليل وبرهان أنه من الواجبات الشرعية أما إذا كان نتيجة لرهبة أو رغبة أو مصالح شخصية فهو من باب (الذين يبدلون كلام الله من بعد ما سمعوه) ، أما الأنصار والجماهير فلابد أن نعلمهم أن كل يؤخذ من قوله ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم. وأن نقنعهم أن المراجعات علامة الصحة وقوة وسلامة. ** ألا يمكن أن تتسبب المراجعة في حالة شك للشباب حول أفكار الدعاة الحالية؛ إذ يمكن أن يأتي زمان ويعلنوا تراجعهم عنها؟ ج/ يمكن أن يحصل هذا لكن لا يجوز أن يكون ذريعة للتمسك بالباطل إذا استبان الأمر واتضح الدليل.** شخصياً هل مررت بتجربة المراجعات هذه؟ وهل هناك أفكار (محددة) تراجعت عنها؟ ج/ أنا في مراجعة مستمرة وبالذات في الوسائل والآليات وفي فقه الفروع الذي كان لي فيه بعض الترجيحات ثم رأيت بعد زمن رأياً آخر ، ومما تعلمته في مسيرتي الطويلة أن أمعن النظر كثيراً قبل اتخاذ المواقف وإصدار الأحكام ، وأن الأمور الفرعية والظنية عند حديثي عنها أورد رأيي في إطار الاحتمال والظن لا الجزم واليقين ، وكذلك أن لا أحرج على من يخالفني ما دام لخلافه وجهاً من الحق يمكن أن يحمل عليه. ** برأيك أين يكمن جوهر الأزمات في المملكة (بشكل عام)؟ ج/ يكمن جوهر الأزمات في المملكة في الجوانب التالية: 1- اختلاف الدعاة والعلماء والمؤسسات الاسلامية. 2- في عدم التطوّر السياسي بما يناسب جوانب التطور الأخرى. 3- في النوابت التغريبية التي تنخر كالسوس في جسم الأمة. 4- في افتقار التنمية لدينا إلى وضوح الرؤية والأهداف. 5- إلى افتقادنا إلى كثير من الشفافية والمحاسبة ، والعدالة في توزيع الثروات ، ولا يجوز أن يكون هذا الكلام سبباً في غياب الرؤية للانجازات الكبيرة والكثيرة في حياتنا. ** كيف تنظر لمخاض التغيرات التي تحدث في المملكة حالياً خلال السنوات المقبلة؟ هل ستكون لصالح الدعوة والدعاة أم خصماً عليهم؟ ج/ هي صورة من صور التحديات والابتلاءات التي إذا أُحسن التعامل معها نقلت المجتمع والوطن والدعوة إلى معارج جديدة من القوة ، والانجاز ، والتنمية، والتطوّر مع الحفاظ على هويتنا وخصوصيتنا. ** كثير من دعاة الإصلاح في السعودية يشعرون باليأس والإحباط والتشاؤم من المستقبل .. هل ترى نفسك منهم؟ ج/ أنا عكس هؤلاء تمامًا فأنا اشعر بالتفاؤل ، والاستبشار وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى ، وهو تفاؤل واستبشار يقوم على معطيات موضوعية ويستند إلى أصول شرعية ويبنى في التعامل مع الواقع وفق منهجية علمية تقوم على الإحصاء والمعلومات الصحيحة ، والفقه بسنن الله في الحياة ، وإدراك حدود الاستطاعة والإمكان بعيداً عن النظرة الجزئية المغرقة في التشاؤم أو المحلقة في سماء الأوهام والخيالات.