طلب مني الدكتور المشرف على رسالتي في جامعة (بتسبرج) في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدةالأمريكية أن أقضي ثلاثة أشهر تربية عملية في مدرسة ( أولدر دايس هاي سكول) وهي من أشهر المدارس الثانوية في الولاية، وحينما ذهبت إليها وقابلت مديرها العام الأستاذ / وليام تشارلز .. وكان رجلا في منتهى اللطف وقد تجاوز الستين من عمره، أخذني في جولة على المدرسة وأثناء جولتنا توقف في الكافتريا ووجد الطلاب يلعبون الالعاب الإلكترونية إلى جانب تناولهم الإفطار، وفاجأني بجلوسه معهم وبدأ يلعب معهم وينافسهم وصوت صراخ الطلاب يعلو حينما يحقق المدير نقطة أو يخسر نقطة .. وقد صدمت في بادئ الأمر فأنا قادم من بيئة مدرسية لابد أن يكون المدير قوي الشخصية ولا يمازح طلابه ولا يبتسم لهم .. وأن اللعب معهم يقلل من شخصية المدير... وعندها عرفت سر تفوق هذه المدرسة التي تعتبر من أفضل مدارس الولاية التي يتجاوز عدد طلابها (أربعة آلاف طالب وطالبة) وعرفت أيضا أن الإدارة ليست تقطيب حاجبين وقسوة في التعامل .. ولكنها الأبوة والحنان وحسن التعامل.. والاقتراب من الطلاب. أقول هذا الكلام بعدما رأيت ردود الفعل للمقطع الذي يظهر فيه معالي مدير إحدى الجامعات يلعب مع أبنائه الطلاب في وقت راحتهم وليس في قاعة الدراسة (لعبة البلوت) وهي لعبة شعبية ممتعة يلعبها علية القوم وعامة الناس وفيها استخدام لملكة الذكاء... وهنا أسأل المعترضين على ذلك ما الخطأ الذي ارتكبه معالي مدير الجامعة حتى ندين هذا التصرف الأبوي له مع أبنائه الطلاب.. وأعتقد أن هذا سلوك لم نتعود عليه، فنحن تعودنا على الشدة ومنع لحظات الفرح البريئة... إن ما قام به مدير الجامعة سلوك حضاري تربوي يعكس الفكر التربوي الذي يحمله فهؤلاء أبناؤه وهذا يقوي من أواصر العلاقة بينه وبين طلابه، وقد كان بإمكانه أن يوقفهم ويحيلهم للتحقيق ويتخذ أقسى الإجراءات معهم، ولكنهم لم يرتكبوا جرما يستحق ذلك فهم في وقت راحتهم يستمتعون بلعبة بريئة يحبونها ويلعبها معظم أفراد المجتمع السعودي فما الضير في ذلك ...؟!. وبالمناسبة.. وزارة التربية والتعليم أوجدت ما يسمى (باليوم المفتوح) لكافة المراحل الدراسية وفيه يمارس الطلاب في المدرسة كافة الألعاب البريئة التي يحبونها من ألعاب إلكترونية ودراجات وكل لعبة مباحة من باب التنفيس عن الطلاب... شكرا معالي مدير الجامعة فأنت قدمت درسا تربويا غير مألوف وغريب عن مجتمعنا الغارق في التعقيدات الاجتماعية.. ونرجسية البشوت وفوقية المناصب.