أكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن حكومة خادم الحرمين الشريفين تبذل جهودا مباركة لخدمة كتاب الله وطباعته وتوزيعه في مختلف دول العالم. ونوه سماحته بندوة طباعة القرآن الكريم بين الواقع والمأمول، التي يعتزم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف تنظيمها في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الثالث من صفر المقبل. وقال إن «الندوة ستدرس الأمور المتعلقة بطباعة المصحف الشريف، والمشكلات التي تعتريها، وصياغة منهج أمثل لطباعة المصحف الشريف ومراجعته وتدقيقه، وستحاول الوقوف على التجارب والخبرات التي مرت بها طباعة المصحف الشريف في العالم، وكيفية الاستفادة من تجربة المملكة في هذا المجال، ووضع ضوابط دقيقة لنشر القرآن من خلال وسائلها المتعددة، وغيرها من الموضوعات ذات العلاقة». وأضاف أن الله سبحانه وتعالى لما أنزل كتابه القرآن خاتمة الكتب السماوية، جعله كتابا خالدا إلى يوم القيامة مهيمنا على سائر الكتب، قال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)، وقد تكفل الله بحفظ كتابه الكريم من التحريف والتبديل والتغيير، قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، فكان كتاب الله محل اهتمام وعناية المسلمين وخلفائهم منذ عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه حيث تم جمعه للمرة الأولى، ثم اكتمل جمعه بشكل نهائي في عهد عثمان رضي الله عنه، وكتبت نسخ منه وتم نشرها في الأمصار. وواصل قائلا: وظل القرآن بعد عهد الخلفاء الراشدين ينسخ يدويا، إلى أن جاءت المطابع في العصر الحديث فانتشرت النسخ المطبوعة للقرآن في مختلف البلاد الإسلامية، ولكن كانت تلك النسخ محدودة وقليلة الانتشار، إلى أن قيض الله في عصرنا الحاضر لخدمة كتابه الكريم حكومة المملكة، حيث حملت على عاتقها الاهتمام والعناية بالقرآن، فأنشأت لذلك مجمع الملك فهد بن عبدالعزيز لطباعة المصحف الشريف، يعنى بخدمة القرآن الكريم، وطباعته، وترجمته، ثم يقوم بنشر تلك المصاحف والترجمات وإيصالها إلى جميع المسلمين في شتى الأقطار والبلاد. وأكد أن من أهم وأجل خدمات المجمع هو طباعة المصحف الشريف، حيث يقوم بطباعته بأدق الصور وأصحها، بعد أن يتم فحصه وتدقيقه من قبل اللجان المتخصصة، ثم تتم طباعته بأفضل المواصفات من حيث اختيار الورق، وكذلك التجليد، وسائر مستلزمات الطباعة، وقد وفق الله القائمين على طباعة المصحف الشريف أن يتحروا تمام الدقة في تفادي الأخطاء في الطباعة، حتى أصبحت طبعة المجمع للمصحف الشريف، بفضل الله، ثم بفضل اللجان المعنية المتخصصة، وبفضل جهود القائمين عليه من أفضل وأصح الطبعات على الإطلاق، لدرجة أنه لا يوجد فيه خطأ واحد بفضل الله وتوفيقه، وهذا بلا شك مصداق للوعد الذي أنجزه ربنا سبحانه وتعالى على نفسه بحفظ هذا الكتاب الخالد إلى يوم القيامة بعيدا عن أن تناله أيدي التحريف والتغيير والتبديل، كما أن المجمع اختار واشترى لإنجاز طباعة المصحف الشريف أحدث الآلات والأجهزة المتطورة الخاصة بالطباعة وبأرقى المواصفات العالمية، حتى تكون الطباعة راقية ومتقنة وجميلة، وقد قام المجمع منذ تأسيسه وإلى الآن بطباعة وتوزيع عشرات الملايين من المصحف الشريف، وقد وصل هذا المصحف إلى أيدي المسلمين في أكثر أقطار الأرض، ومختلف دول العالم، وإلى أقاصي البلاد في هذا العالم الفسيح.