وصف عدد من الشبان، السعودة الوهمية التي تنتهجها بعض شركات القطاع الخاص رغبة في عدم حرمانها من الخدمات من قبل مكتب العمل وللحصول على مكافآت صندوق التنمية البشرية، بالجريمة التي تهدد برامج التنمية؛ كونها تضر بالشريحة الأكبر في المجتمع. واعتبروا السعودة الوهمية من الاستخفاف بقدرات وإمكانات وطاقات الشباب السعودي الذين استطاعوا أن يثبتوا كفاءاتهم في مختلف الأعمال والوظائف التي التحقوا بها. يقول محمد عثمان: نحن من المجتمعات الشابة التي يمثل فيها الشباب الشريحة الأكبر من المجتمع، ومن المفترض أن نستغل هذه الطاقات ونستثمرها على النحو الأمثل، فلماذا تلجأ الشركات إلى السعودة الوهمية، وبإمكانها أن تقوم بتأهيل الشباب وتدريبهم لتولي المهمات التي تقوم بها بعض الكفاءات الأجنبية، بحيث يحل شبابنا مكانهم بعد أن يتلقوا التأهيل والدعم اللازم، لكن المشكلة لا تكمن في ضعف تأهيل الشباب كما تدعي بعض الشركات بل بعدم وجود رغبة جادة لديها بتوظيف السعوديين، كونهم يتقاضون مرتبات أعلى من الأجانب، وللأسف فإن الكثير منها ليس لديها أدنى إحساس بالمسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن تضطلع بها في تأهيل شباب الوطن وتوظيفهم بالتعاون مع الجهات المختصة، خصوصا أن الدولة تقدم دعما سخيا من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية، وغيرها من الامتيازات التي تحظى بها الشركات التي تقوم بتوظيف السعوديين. وذكر عبدالملك إسكندر بأن المسؤولية مشتركة بين الشركة التي لا تحترم إمكانات الشاب وتقوم بتوظيفه أو بالأصح استخدامه لتفادي العقوبات التي تفرضها عليها وزارة العمل في حال وصولها إلى النطاق الأحمر، كما أن المسؤولية تقع على الشاب الذي يستقل بنفسه وإمكاناته ويرضى بهذا السلوك الذي لا يكترث بنتائجه الآن، ولكنه سيدفع ثمنه في المستقبل، وسيحرم نفسه من اكتساب خبرات ومهارات كان من الممكن أن يكتسبها بسهولة لو كان على رأس العمل. وأضاف للأسف أعرف بعض الزملاء الذين يقومون بتسجيل أسمائهم لدى بعض الشركات دون أن يمارسوا أي نوع من الأعمال بل يتقاضون مرتباتهم وهم نائمون في بيوتهم. عبدالله الشهري قال: لا نريد أن نظلم الشركات ولا الشباب، فلدينا نماذج كثيرة مشرقة ومشرفة من الشباب المنضبطين والناجحين، كما يوجد شباب مقصرون، ليس لديهم رغبة بالعمل الجاد، ومثل هؤلاء لو لم يجدوا شركات ومؤسسات تقدم لهم السعودة الوهمية فسيضطرون للعمل والإنتاج. وأشار فؤاد الياور إلى انتشار بعض المواقع على الإنترنت للترويج للسعودة الوهمية وتكون كحلقة تواصل بين الشركة التي تبحث عن السعودة الوهمية والأشخاص الراغبين بذلك، ولا بد من تكثيف الحملات التوعوية للشباب بمخاطر هذه الظاهرة، وحثهم على الإبلاغ على الشركات المخالفة، أو التي تمارس هذا النوع من الأعمال التي تشوه صورة شبابنا، وتضر بالبرامج التنموية التي تقدمها الدولة للارتقاء بمهارات الشباب وتأهيلهم لسوق العمل. وفيما يقلل أحمد الصبان من السعودة الوهمية ويرى بأنها لا تمثل مشكلة كبيرة باعتبار أن العقوبات التي تطبقها وزارة العمل ستقضي عليها بشكل أو بآخر، ويرى أكرم البليسي غير ذلك إذ يقول: نحن بحاجة إلى شركات تعلم الشباب قيمة العمل وتحفزهم على الإنتاج لا شركات تقوض مهاراتهم وتهدر طاقاتهم، وإذا كانت بعض الشركات تلجأ للسعودة الوهمية بحجة أن الشباب السعوديين غير مؤهلين، ولا يملكون ذات الكفاءة التي يمتلكها موظفوها الأجانب، فإذن تستطيع الشركة في هذه الحالة أن تقوم بتأهيل الشباب وتدريبهم، ليحلوا محل الكفاءات الأجنبية بالتدريج، ولكن يجب أن نمنح الشباب الفرصة كاملة قبل أن نطلق أحكاما عشوائية عليهم. ويحذر رئيس قسم الموارد البشرية بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور خالد ميمني من مخاطر السعودة الوهمية ويرى أنها جريمة بحق شباب الوطن، واستخفاف بقدراتهم وإمكاناتهم، مطالبا بالمزيد من البرامج التوعوية بمخاطر السعودة الوهمية، وبتعزيز قيمة العمل في نفوس الشباب، وتحفيزهم على العمل والإنتاج ليشاركوا بفعالية في رحلة التنمية التي تشهدها المملكة اليوم. ويصف الدكتور خالد ميمني السعودة الوهمية بالقضية الخطيرة التي تستوجب المعالجة الفورية، سواء من خلال البرامج الحوارية مع القطاع الخاص، أو تطبيق العقوبات بحق الشركات المخالفة. مشددا على أن المخاطر التي تترتب على السعودة الوهمية كبيرة وتهدد جيل المستقبل، من خلال الاستخفاف بقيمة العمل، وزرع الكسل في نفوس الشباب، عوضا عن إهدار طاقاتهم وتبديدها بدلا من تنميتها وتطويرها لتخطو في الاتجاه الصحيح. وعن العقوبات المترتبة على ممارسة هذا السلوك يقول المستشار القانوني عبدالعزيز النقلي: أعتقد بأن العقوبات الحالية كافية بحق الشركات التي تطبق السعودة الوهمية سواء بإدراجها في النطاق الأصفر وصولا إلى الأحمر، وبالتالي فرض غرامات مالية عليها، وتعطيل أنشطتها بإيقاف جميع الخدمات عنها، وحرمانها من الاستقدام.