اضطرت هيئة مكافحة الفساد إلى الاستعانة بمفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ وبأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء المكونة من كبار العلماء الفقهاء، للسؤال عن موقف الشرع من الموظفين الذين يحصلون على إجازات مرضية دونما حاجة لتلك التقارير لأنهم ليسوا مرضى، وإنما هدفهم الغياب عن العمل والنجاة من خصم أيام الغياب من رواتبهم الشهرية معتقدين أن حصولهم على تقارير طبية بطرق ملتوية تضمن لهم استلام راتبهم الشهري كاملا غير منقوص بما في ذلك أيام الغياب بموجب ما لديهم من تقارير، أن ذلك سوف يعفيهم من كونهم قد أخذوا مالا عاماً يتمثل في رواتب الأيام التي لم يعملوا بها بمساعدة التقارير المزيفة، دون وجه حق مع أنهم بذلك التصرف «يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون» لأنهم يعلمون علم اليقين أن ما أخذوه من مال دون قيامهم بما يقابل ذلك المال من جهد وعمل وإنجاز لن يحلله تقرير طبي هم أول من يعلم حقيقته وأنه أعطي لهم من قبل فاسدين مثلهم يعتبرون إعطاء مثل تلك التقارير المزيفة من واجبات المجاملة وبناء العلاقات وتبادل المنافع، ولذلك فإن صدور فتوى بتجريم عمل من يحصل على تقارير طبية بأنه مريض وهو ليس بمريض ليغيب عن عمله أياماً أو أسابيع ثم يستلم راتبه كاملا، مع أنهم يعلمون أن عملهم غير صالح وأنهم به يشجعون الذين في قلوبهم مرض من الموظفين للتمادي في الحصول على التقارير الطبية المزيفة حتى تصبح الحياة الإدارية «شربة وتقاطيع» خاصة إذا كان على رأس الإدارة مدير متسيب فاسد أو مهزوز الشخصية يؤثر السلامة ويدعي الحكمة ويقول لمن حوله إذا عاتبوه على عدم الحزم مع الموظفين المتلاعبين الذين يحصلون على الإجازة المرضية تلو الإجازة الاضطرارية وقبل وبعد كل إجازة مرضية يقول لهم وهو يهز رأسه الكبير «اللي تغلب به العب به»، وهو يعني بهذه العبارة الشعبية الركيكة أن تغابيه وتعاميه عن موظفيه المتلاعبين يحقق له الاستمرار في العمل دون الدخول معهم في مواجهات ومحاسبات وتحقيقات فينال بذلك رضى رؤسائه عنه لأنهم هم أيضاً مشغولون بأمورهم الخاصة -دون مصلحة العمل- ويهمهم أن تكون الأمور هادئة في الإدارات التابعة لهم حتى لو لم تحقق أي إنجاز يذكر وأسوأ آثار الإجازات المرضية المزيفة، تلك التي يحصل عليها بعض المعلمين والمعلمات لأن غيابهم عن طلابهم يجني عليهم ويؤثر في مستوى تحصيلهم تأثيراً يرافقهم حتى المرحلة الجامعية، فتكون الخسائر الوطنية مضاعفة وهي أشد وأنكى من تأثير غياب الموظفين الإداريين عن أعمالهم بحصولهم على تقارير طبية مزيفة، ويظن أولئك المحتالون الحاصلون على إجازات مرضية بغير وجه حق أنهم يحسنون صنعاً مع أن أكلهم لرواتب الأيام التي لم يعملوا بها اعتماداً على ما قدموه من تقارير طبية، قد يعود بالوبال على صحتهم وصحة أولادهم وعلى مسيرتهم في الحياة.. لو كانوا يفقهون!