يقف المواطن في هذه البلاد هذه الأيام أمام تحد خطير ولكنه يمثل بالنسبة له.. فرصة حقيقية لإثبات أنه في مستوى المسؤولية وعيا.. وإدراكا.. وتحملا للمسؤولية بعد استشعار الخطر بحجمه الطبيعي واستنفار كافة قواه لمواجهته.. هذا الخطر يتمثل في انكشاف حقيقة طالما حذرنا منها وجاء الوقت الذي يتوجب علينا أن نواجهها جميعا.. بكل الوسائل.. وبأعظم الإمكانات لأن التراخي أمامها أو عدم إدراك حجم الأخطار المترتبة على انتشارها في بلدنا الآمن يعني تعريض هذا الكيان العظيم لهزة عنيفة.. لا يجب أن نسمح بها.. أو نتغافل عنها.. أو لا نعيرها ما هي جديرة به من اهتمام.. ومن إعداد حقيقي للنفس.. وللطاقات.. لأن المسألة تتجاوز كل حدود المشكلات المألوفة والمعروفة، فهي «هنا» مسألة حياة أو موت.. مسألة وجود كبير.. مسألة أن نكون أو لا نكون.. لماذا؟ لأنها ترجع - في أساسها - إلى مفاهيم ثقافية «مغلوطة» و«مشوشة» و«ظلامية» يجب أن تزول وتمحى قبل أن تتمكن وتسود.. هذا الخطر الذي قصدناه هو.. ثقافة الموت.. والكراهية.. والتوحش التي أطل بها علينا تنظيم القاعدة أولا.. ثم تنظيم داعش منذ بضعة أشهر وكانت المملكة العربية السعودية أول من حذر منه.. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو أول وآخر من نبه إلى أنه يتأهب للزحف على أوروبا وأمريكا وكل مكان في هذا العالم.. هذا الخطر وبعد أقل من شهرين.. ظهر لنا في «الأحساء» وفي «القصيم» وربما يظهر في أكثر من مدينة وقرية ومحافظة بعد أن كشف حادثا الأحساء وبريدة أن هذا الفكر لم يعد مجرد قناعات عابرة.. وإنما أصبح عملا حركيا منظما.. وسيلته العنف وغايته النهائية هي ضرب هذا الكيان في الصميم من خلال ضرب مكوناته الثقافية.. بعضها ببعض.. وإثارة الفتنة بين السنة والشيعة.. بل ضرب السنة أنفسهم بعضهم ببعض عن طريق تصنيفهم إلى فئتين تعارفوا على تسمية الفئة المستنيرة منها في مجتمعنا بالفئة المارقة واعتبار كل من لم يعتنق الفكر المتشدد كافرا.. يحل دمه.. ويجب قتله.. والقضاء عليه.. ظهر هؤلاء في الأحساء مستغلين مناسبة من المناسبات التي اعتاد الإخوة من المنتمين إلى المذهب الشيعي على إحيائها بطريقتهم الخاصة.. وذلك بهدف إثارة الفتنة.. وإشعال حرائقها في بلد قام على الحب والتآلف.. والاحترام بين مكوناته.. وظهر هؤلاء في القصيم في اليوم التالي.. بهدف إرباكنا.. وإعطاء الانطباع بأن وجودهم .. لا يقتصر على منطقة واحدة .. وأن تحركهم لا يمكن الحد منه.. أو الحيلولة دون وقوعه.. لكنهم اكتشفوا بعد ساعات لأن عيون الوطن.. وضمير المواطن.. حاضران في كل شبر من أراضي الوطن.. حيث لم تمض ساعات على إقدامهم على ممارسة تلك الجريمة الشنعاء التي أودت بحياة (5) وأصابت (9) من المواطنين الأبرياء الذين لاذنب لهم.. حتى ألقي القبض على عدد كبير منهم.. وإن تسببوا في مقتل ضابطين في القصيم وإصابة آخرين. إن هؤلاء «الغلاة» قد استحلوا دماء المسلمين قبل غير المسلمين وأباحوا لأنفسهم أن يعتدوا على كل من يخالفهم في «الفهم» المريض.. لنصوص الشريعة الخالدة والخروج بها عن الثوابت المعروفة لدى صاحب كل بصيرة في هذا الكون.. وبالرغم من تمكن رجال الأمن الأقوياء بعون الله.. وبخبرتهم العالية في التعامل مع بؤر الإرهاب.. من إبطال مكيدتهم هذه المرة.. إلا أنهم قد يظهرون لنا ثانية وثالثة في مواقع أخرى.. وبأشكال مختلفة.. وفي وقت من الأوقات.. لأن التنظيم الذي كان من صنعوه يخططون لاجتياز حدودنا الشمالية والجنوبية والتسرب إلينا.. قد أدركوا أنهم غير قادرين على تحقيق أهدافهم في ظل التعبئة والاستعداد الشامل لمواجهتهم بكل قوة.. هذا التنظيم وصانعوه وجدوا أن التسرب إلينا.. أو إيقاظ خلايا نائمة من بقايا القاعدة الموجودين بيننا ربما يوصلهم إلى الهدف النهائي.. وهو إلقاء هذه البلاد في غياهب وأنفاق مظلمة.. لا يعلم مداها إلا الله.. فشل مخطط ضرب المسلمين ببعضهم فعلوا هذا رغم تجربتهم القاسية مع مؤسسة الأمن العملاقة في هذه الدولة.. هذه المؤسسة التي تمكنت من القضاء على القاعدة واستأصلت خلاياها تماما.. ولم نعد نجد لها صدى أو وجودا على مدى السنوات العشر الأخيرة ولله الحمد.. وبالذات بعد أن أدرك الوطن مدى خطورتهم وارتفع وعي المواطن.. لمواجهة مخطط رهيب رسموه لإلحاق الضرر بأرض القداسة والنور وضربنا في العمق.. ذلك المخطط الذي رسمه من صنعوا القاعدة أولا كان يقوم على فرضية أن المجتمع السعودي مجتمع إسلامي ولا يمكن أن يقاوم أي دعاوى تنبع منه وتقوم على أسس شرعية أو ثقافية دينية.. وبالتالي فإنهم راهنوا على نجاح «القاعدة» في التغلغل في أوساط الناس واجتذابهم إلى جانبهم.. ومحاصرة أصحاب الفكر المستنير المنطلق من سماحة الإسلام ومبادئه القائمة على الوسطية والاعتدال ونبذ التشدد والعنف والتطرف والقضاء على المجتمع والدولة بضربة واحدة.. لكن أسقط في أيديهم بعد أن اكتشفوا خطأ هذا المخطط.. وتبينوا أن المجتمع السعودي أقوى من أن تقسمه دعاوى الضلال والظلام إلى فئات.. وأطراف.. وأجنحة متناحرة.. وأن المجتمع الذي راهنوا على استقطابه.. قد توحد ضدهم بكل فئاته ومكوناته الفكرية.. وأن الدولة بكافة مؤسساتها وفي مقدمتها المؤسسة الدينية المستنيرة والمؤسسة الأمنية الخبيرة قد أصبحت أكثر قوة بعد تلاحم أبناء الوطن كافة معها.. ووقوفهم وراءها.. ووجد الجميع في الملك الإنسان الرمز الذي التفوا حوله.. وطهروا هذه البلاد من شرور من أرادوا تحويلها إلى منطلق لنشر الظلام في كل أنحاء الأرض.. وهكذا سقطت رهاناتهم بعد أن تبينوا أن المملكة العربية السعودية.. الهوية الثقافية.. والنظام السياسي.. والوعي المجتمعي.. غير مستعدين لهذا التحول الظلامي الذي أراد بث ثقافة الفوضى في المنطقة بدءا بأقدس البقاع وأطهرها.. وانتهاء ببقية أرجاء الوطن العربي.. وفي مرحلة لاحقة تعميم هذا النموذج على مختلف أنحاء العالم الإسلامي.. وعندما طردت فلول القاعدة من كل شبر من بلادنا.. وقضي على خلاياها النائمة.. انتقل المخطط إلى أوطان عربية أخرى.. بعضها مجاور لنا.. وبعضها بعيد عنا بعض الشيء.. وبعضها كان سقوطه مسألة حتمية إذا سقطت الكيانات السياسية الكبرى.. وسادت ثقافة القتل.. والتدمير في كل مكان.. لكن هذا الفشل الذريع.. لم يثنهم عن معاودة الكرة مرة أخرى.. وبدأت المخططات تتكشف أمامنا.. وظهرت فلول القاعدة وداعش مجددا على مقربة منا.. وحدث ما حدث في الأحساءوالقصيم.. فهل انتهت المشكلة بسقوط العشرات بين شهداء ومصابين.. وإلقاء القبض على أكثر من «10» أشخاص من هؤلاء القتلة والسفاحين؟ بكل تأكيد.. «لا» وبكل تأكيد.. أن من أوجدوا القاعدة بداية ثم من صنعوا داعش بعد ذلك لن يقبلوا الهزيمة من أول جولة.. لأنهم وبكل حقد الدنيا الذي يحملونه لعقيدتنا «أولا» ولأوطاننا «ثانيا» فإنهم لن يتوقفوا عند هذا الحد.. ويتركونا وشأننا.. ويسلموا بأن هذه البلاد مستعصية عليهم في الحاضر.. كما استعصت في الماضي.. لماذا؟ لأنهم مصممون على إعادة رسم خارطة المنطقة من جديد ووفقا لحساباتهم ومصالحهم الخاصة.. وبواسطة أدوات محلية أو عربية وغير عربية أيضا.. استخدام الأدوات المحلية فهم بدلا من أن يأتوا إلينا بجنودهم.. وسفنهم .. وصواريخهم عابرة القارات ويدفعوا إزاء ذلك كلفة عالية.. لحرب قد تطول كثيرا.. وقد تضاعف مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية كثيرا.. فقد فضلوا اللجوء إلى محاربة دولنا وشعوبنا من داخلها.. داخل منطقتنا «أولا» ثم داخل أوطاننا «ثانيا» ثم بضرب أنظمتنا بعضها ببعض «ثالثا» وكذلك ضرب شعوبنا ببعضها عن طريق إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية.. كما حدث في لبنان.. والعراق.. والبحرين.. واليمن.. وسوريا.. ومن المؤسف حقا.. أن يكون «صانعو» طبخة الإرهاب سواء من داخل الإقليم أو من خارجه.. قد وجدوا فينا من يتعاون معهم.. ويتبنى مخططهم.. ويتبرع بتنفيذه لأسباب تخصه.. وتعود إلى حساباته وطموحاته الخاصة.. وإلى عقده التاريخية المتأصلة أيضا.. كما وجدوا من يتجاوب معهم في العزف على وتر «التدين» سواء صدر هذا التجاوب عن جهل بحقيقة العقيدة الإسلامية أو الخلط بين مفهومي «التدين» و«التشدد».. أو كان نتيجة شعور متعاظم لدى هؤلاء بأن سلطة الدولة فاقت سلطتهم في التأثير على عقول العامة وتضليل صغار الشاب والتغرير بالعشرات بل المئات فراحوا يستعدونهم ضد البلد.. بقطع صلتهم بالوطن وجذبهم بعيدا عنه عن طريق دعاوى «الولاء» و«البراء» والخروج على البيعة لولي الأمر.. بالالتحاق بالتنظيمات الإرهابية.. وباستهداف الوطن بحملات إعلامية مكثفة عبر رسائل التواصل الاجتماعي.. وضخ مشاعر الكراهية لمختلف مكونات المجتمع وفئاته.. عبر شحن متواصل للنفوس.. وتعبئته للخواطر ضد بعضنا البعض.. بإثارة النعرات.. وتسفيه الأفكار والمعتقدات وتحريض البعض ضد البعض الآخر.. حدث كل هذا وبرز أمامنا في أكثر من صورة.. ليس في منطقتنا فحسب وإنما داخل بلادنا أيضا.. وفي أوقات مختلفة.. ومن جديد جاءت حادثة الأحساء أخيرا لتؤكد لنا أن تلك القوى الفكرية الظلامية باتت جاهزة لضرب وحدتنا الوطنية في العمق من جديد.. ونحن وإن كنا لم نفاجأ بهذا الظهور.. من خلال العمل الإجرامي الذي ظهر به أولئك الملثمون في «الدالوة» وانقضوا فيه على إحدى الحسينيات في يوم عاشوراء.. واعتدوا على أبرياء هناك.. لأن فكر.. وثقافة هؤلاء الظلاميين لا يعمل إلا في ظل إثارة الفتنة وإثارة القلاقل وزعزعة ثقة الناس بعضهم تجاه البعض الآخر.. كي يظهر الحدث وكأنه بمثابة حرب بين السنة والشيعة.. بهدف الاستقطاب والتأليب ضد فئة من أبناء الوطن ومكوناته الثقافية المتجانسة على مدى التاريخ الطويل.. لتشتعل الفتنة وتنشب الحرب «المدمرة» ويصبح العنف سمة حياتية يومية.. وخبزا معتادا في كل الدول التي طالتها الفتن الضارة من قبلنا.. التفاف الجميع حول الوطن لكن ما حدث من نصر عليهم خلال الأيام الماضية.. وإن كان أمرا متوقعا.. بالنسبة لأبناء هذه البلاد الشرفاء.. إلا أنه كان بالنسبة لهؤلاء «المأفونين» في عقولهم و «ضمائرهم» بمثابة صدمة عنيفة.. وغير متوقعة.. فما صدر من بيانات.. وتصريحات.. ومشاعر.. عن كبار الشخصيات المنتمية إلى المذهب الشيعي في محافظتي الأحساء والقطيف بل وفي غيرهما.. أكد على «5» أمور هامة هي: أولا: أن الوطن.. كله بسنته وشيعته.. بصغاره وكباره.. بعلمائه.. ومثقفيه.. وإعلامييه ومعلميه وأطبائه ومهندسيه ومزارعيه وطلابه وطالباته برجاله ونسائه وأطفاله كانوا جميعا في مستوى المسؤولية وإدراك الأهداف «القميئة» الكامنة وراء هذا العمل الإجرامي الخبيث.. وكانوا جميعا على عكس ما أراده أولئك الحاقدون وتوقعوه.. أشد تماسكا وتلاحما وترابطا أكثر من أي وقت مضى.. ثانيا: إن هذا الشعور الوطني العام قد جمع بين قدرة الدولة على احتواء الموقف ومعالجته بسرعة فائقة وبين وقوف المواطنين خلف قيادتهم ومؤسستهم الأمنية وقفة إنسان واحد.. وحال الجميع دون تحقيق أي هدف من أهداف تلك الجريمة التي رمت إلى شق الصف وضرب السنة بالشيعة وفتح الجروح في الجسد الموحد.. (قاتلهم الله أنى يؤفكون).. ثالثا: إن سماحة مفتي المملكة وهيئة كبار العلماء وكافة النخب في المملكة كانوا - كعادتهم - وكما هو معروف عنهم ومتوقع منهم، على أعلى مستويات المسؤولية بعد لحظات من الإعلان عن هذا العمل الإجرامي الجبان.. حيث كان بيان سماحة الشيخ (عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ) بعد ساعات قليلة بمثابة البلسم الذي أطفأ النار في مهدها.. وترحم على الشهداء وضمد جراح المصابين وخفف عن أهلهم وذويهم.. وبالذات عند وصف هؤلاء بالمجرمين حيث قال: «إن الدين الإسلامي بريء من أعمال مثل هؤلاء المفسدين الذين يحاولون إشعال الفتنة بين المسلمين خاصة بين أبناء المجتمع السعودي.. وما حدث فتنة في الأرض وجرم خطير حذر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم» .. وشدد سماحته على أهمية محاكمتهم بشريعة الله التي تحرم قتل النفس.. «وحذر من أن هذا العمل يدعو إلى إحداث الفوضى في الأمة».. هذا الموقف الشرعي والأخلاقي من سماحة المفتي وهيئة كبار العلماء.. وضع الأمور في نصابها وأبان لأبناء هذه البلاد سنة وشيعة ولغير أبناء هذه البلاد.. أن عقيدة المملكة واحدة.. وأنه لافرق بينهم ولا ميزة لأحد على أحد منهم وأن الجميع يستظلون بظلال ملك عادل وحكيم وأب يحمل للجميع كل المحبة وأنهم يملكون من الوطنية والتوحد والتلاحم مايجعلهم يقفون جميعا بوجه تلك الأعمال «الشائنة» أيا كانت دوافعها ومهما كانت قوة الأطراف التي تقف وراءها أو تغذي أفكارها بالسموم.. أو تستثمر «جهالتها» وسوداوية فكرها.. رابعا: إن هذه الجريمة المنكرة حققت عكس ما كان يريده ويحلم به أولئك الحاقدون والكارهون والظلاميون.. بأن تشتعل نار الفتنة بين الشيعة والسنة.. غير أن ما حدث هو أن أبناء المملكة كلهم وفي مقدمتهم أبناء المنطقة الشرقية من الشيعة أكدوا أنهم على قلب إنسان واحد.. وأنهم مواطنون صادقون وصالحون وأن هذه الجريمة البشعة موجهة إلى الوطن كل الوطن وإلى أبناء الوطن في كل مكان من هذه البلاد.. وليس غريبا أن نقرأ ما صدر عن العقلاء من رجالهم الأجلاء من بيانات ومواقف أكدت أن هذا الوطن بخير ما دام أن فيه عقلاء لأنهم يدركون حقيقة ما يدبر لهذه البلاد وأبناء هذه البلاد.. بيانات التأليف بين القلوب ومن تلك البيانات ما صدر عن «50» شخصية محترمة من مشائخ أهل الأحساء وقالوا فيه: «إن الطغمة الإجرامية التي أقدمت على هذا العمل البشع لا تمت بصلة إلى الوطن ولا تعبر عن دين بل تعبر عن فكر شيطاني خبيث يستهدف تمزيق وحدتنا ولحمتنا الوطنية والإسلامية وعلينا أن نفوت عليهم فرصة استثمارها بمزيد من الوحدة والتلاحم الوطني».. وثمنوا بمزيد من الفخر والاعتزاز التفاعل الإيجابي الذي أبداه أبناء الوطن شجبا واستنكارا لهذه الجريمة.. وكذلك البيان الآخر الذي صدر عن «11» شخصية من مشايخ الأحساء النبلاء وقالوا فيه: «إن المسؤولية الشرعية والاجتماعية تحتم علينا صيانة المجتمع ووحدته والحفاظ على نسيجه الاجتماعي وعدم المساس بأمنه ووحدته وتلاحمه.. كما نقف مثمنين ومؤيدين المواقف الشرعية والوطنية المسؤولة الصادرة عن هيئة كبار العلماء بالمملكة وعلى رأسهم سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الذي نثمن مواقفه الحكيمة والمسؤولة عاليا ومن كافة الأجهزة الأمنية التي بادرت بمحاصرة الجناة وتعقبهم حرصا على إطفاء شرارة الفتنة والعبث بأمن واستقرار الوطن والمواطنين».. وقالوا أيضا: «إن التأكيد على اللحمة الوطنية واستتباب الأمن وتفويت الفرصة على العابثين بأمن هذا الوطن العزيز ونشر ثقافة المحبة والتسامح وبث روح الأخوة والاحترام بين مكونات هذا الوطن وتغليب المصلحة الوطنية العامة والالتفاف حول القيادة الراشدة واجتثاث خطاب الكراهية والتحريض ولم الصف والتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، لهو من أوجب الأمور الشرعية التي تحقق مقاصد الشريعة الغراء خصوصا في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة وما نشاهده اليوم من اقتتال واحتراب وخراب ودمار في الدول المحيطة بنا يحتم علينا جميعا القيام بالمسؤولية الواعية تجاه وطننا وأمنه».. هذه المضامين الواعية والمسؤولة وردت أيضا في تصريح للشيخ حسن الصفار.. قال فيه «إن الرد المطلوب على هذه الجريمة النكراء هو تعزيز التلاحم والتعايش الوطني بنشر ثقافة التسامح وتجريم التحريض على الكراهية وإدانة الشحن الطائفي».. كما قال أيضا «إن مواقف التعاطف الواعية النبيلة التي انطلقت على مستوى الوطن من مسؤولين وعلماء وكتاب وإعلاميين تؤكد الوحدة والمساواة بين المواطنين وترفض منهج التطرف والإرهاب والتكفير.. وهي مشاعر تؤكد على أهمية استثمارها والتأسيس عليها لتعزيز الوحدة الوطنية وسد الثغرات التي ينفذ منها أصحاب الفكر الضال» كما ثمن جهود وتضحيات رجال الأمن الشرفاء الذين سقط منهم شهداء قدموا أرواحهم فداء للوطن.. خامسا: إن الشعب بعامته بات اليوم أكثر إدراكا للخطر الحقيقي الذي تشكله حرب التكفير التي عصفت بالعديد من المجتمعات العربية من قبل وفي مقدمتها المجتمعين الجزائري والمصري.. وتعصف الآن بالعراق واليمن وليبيا.. وقد تمتد إلى دول أخرى.. ويريد لها أعداء هذه الأمة وأعداؤنا على وجه التحديد أن تمتد إلى بلادنا.. وتشتعل في أرجاء مجتمعنا.. وما حدث في الأحساء .. والقصيم هو عينه.. من هذه الممارسات الحاقدة أو هو اختبار لإرادة هذا الشعب ووعيه ويقظته في مواجهة الخطط التدميرية لدولنا ومجتمعاتنا.. أخطار حقيقية وغير مسبوقة وبالقدر الذي شكل تلاحمنا (دولة وشعبا) والتفافنا حول قيادتنا التاريخية.. ضربة قوية لهؤلاء وأولئك بالقدر الذي فتحت العملية الإجرامية في الأحساءوالقصيم أعيننا على مايدبر لبلادنا.. ويراد لنا من سوء.. لإلحاقنا بتلك الدول والمجتمعات المأزومة في أقرب وقت ممكن (لابارك الله في أهدافهم ونواياهم ومخططاتهم الإجرامية تلك).. فما يقوله المسؤول في هذه البلاد.. وما يطالب به العالم.. وما تتفق عليه النخب.. وما يقول به المواطن العادي.. في أي مكان وموقع من هذا الوطن.. هو أننا نموت ونحيا في هذا الوطن ومن أجله.. وأنه لا مكان بيننا لفكر ضال.. ولا لإرهابي حاقد.. كما أنه لا قبول أبدا لكل المحاولات اليائسة التي تهدف لإثارة الفتنة بيننا.. وشحن نفوسنا ضد بعضنا البعض.. لذلك أقول.. إن «رب ضارة نافعة» فقد وحد الحدث مشاعرنا.. وعزز لحمتنا وقرب المسافة بين بعضنا البعض.. وأشعر الجميع بقيمة الوطن وأهمية الالتفاف حول قيادتنا.. وتكاتفنا.. وتكامل جهودنا.. وتوحد مواقفنا تجاه كثير من المسائل التي كنا بحاجة إلى تعديل أو تصحيح مساراتها في حياتنا.. وأنا متأكد بأن هذا الحدث سيؤدي بنا إلى ما هو أكثر من هذا المستوى الرفيع من التلاحم معالجة لبعض الخلل الناشئ عن سوء الفهم.. توحيدا للصف وتعزيزا للوحدة الوطنية المتينة.. وتعميقا للولاء لقيادة أمينة وصادقة.. ولوطن هو خير الأوطان ولتاريخ ومصير مشترك لا يسمح بالفرقة ولا يقبل بالخروج على الإجماع.. ولا يعطي الفرصة لاختراق صفوفنا.. لأي سبب كان وتحت أي ظرف يكون.. وإذا حدث هذا.. وذلك ما أتوقع وأرجو.. فإن جريمتي الأحساءوالقصيم البشعتين تكونان قد ساهمتا في إغلاق ملف استغله الأعداء أسوأ استغلال.. وذلك يظل مرهونا بمدى ارتفاع درجة الوعي بحقوق المواطنة المقدسة لدى بعض الأطراف المعنية ببعض الأمور المعلقة ومعالجة الأسباب التي أدت إليها وتمنع تكرر حدوثها.. فتتعزز بذلك لحمة الوطن.. وتسد جميع المنافذ التي تستغل للإضرار بوطن الخير والمواطنة الصالحة والولاء الذي لا يمكن تجزئته أو إتيان أعمال تتعارض مع مصالح الوطن وأمنه وسلامته واستقراره.. *** هذا الوطن إذن.. كان وما زال وسيظل قويا بوحدته.. وبصدق ولاء كل أبنائه.. وبإصرارهم على أن يظلوا في مستوى قداسته.. وعظمة تاريخه.. وتطلعاتهم إلى غد أكثر أمانا وازدهارا وقدرة على العطاء والبقاء والتوحد.