رب ضارة نافعة، فحين يجرح عضو من الجسد تتداعى له بقية الأعضاء بالسهر والحمى. وحين تشتد المحن يقف الوطن شامخا في وحدة لا تسمح بمرور داء التمزيق من خلالها، وهذا ما كان في حادثة (الدالوة) التي حاول المندسون الآثمون إشعال فتيل الفتنة من خلالها، لكن مرت محاولاتهم البائسة بسلام على وطن تحصن بالوحدة والعدالة والمحبة. وأيقن كل أبناء الوطن بلا تفرقة أن القيادة تقف موقفا واحدا تجاه أي جزء منه تمسه أو تطاله يد التطرف، فلا تمييز في الحرب ضد الإرهاب ولا تهاون ضد من يحاول المساس بالأمن والوحدة الوطنية. مشهد الاستنفار الأمني والرد العملي الواقعي على نهج المملكة في مكافحة الإرهاب أيا كان وكيفما لبس من أردية كان ماثلا في تلك الحادثة، فبعد أن سقط المجرمون المعتدون في يد العدالة وتمكن الأمن السعودي من إلقاء القبض على مرتكبي حادثة (الدالوة) المشينة في وقت وجيز يجير في سجلات المنجزات الأمنية، أدار وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بوصلة فكره بعد أن أرسى (سفينة العدالة الأمنية) وتابع شخصيا الملاحقات الأمنية لضبط المعتدين، فكره فورا صوب (الواجب الإنساني) تجاه من وقفوا في وجه الإرهاب ومن وقعوا ضحية العنف والتطرف، فغادر مقر وزارة الداخلية بالرياض في مهمة نبيلة سامية صوب محافظاتعنيزة، وبريدة، وحائل والهفوف ليختم تلك الزيارة بمواساة أسر ضحايا الحادث الغاشم في قلب قرية الدالوة بمحافظة الأحساء. وزير الداخلية بهذه الرحلة المكوكية التي قضى فيها نحو 10 ساعات متواصلة ضمد فيها جراح الوطن وعزز فيها مفاهيم الوحدة الوطنية وروح الألفة الحقيقية في وطن لا يرضى أن يمس مواطنوه بسوء، أعاد للذاكرة منهجية العمل الأمني الإنساني النبيل وقفزت الزيارة التي جاءت بعد 48 ساعة من الأحداث أعادت للذاكرة حادثة اغتيال المقدم مبارك السواط في مكةالمكرمة التي نجح فيها الأمن السعودي من الوصول للجناة الإرهابيين قبل أن يواسي سموه أسرة الشهيد، حيث قطع على نفسه حينها عهدا بالوصول للجناة أولا وذلك في منتصف 2005، حيث تمكنت قوات الأمن من الوصول إلى مرتكبي الجريمة والتعامل معهما حتى أردتهما قتيلين فوق سطح إحدى العمائر في مدينة جدة بعد أن استطاع رجال الأمن بعد مطاردة استمرت نحو خمس ساعات، من الثانية حتى السابعة من صباح محاصرة الإرهابيين القاتلين في عدة أماكن بين مكةالمكرمةوجدة، حتى لقيا مصرعهما في مواجهة عنيفة وكأنما أراد وزير الداخلية أن يوصل رسالة قوية في هذه الزيارات التي تعقب ضبط الجناة أن عيون الأمن لن تهدأ حتى يسقط كل من يحاول الزعزعة والنيل من الوحدة الوطنية. فوزير الداخلية القائد الأمني الذي يتمتع بحس القيادة الأمنية والثقافة الشاملة التي جعلته يتعامل مع الأمن بصورة ثاقبة وحسن استقراء واستنتاج منتهجا سياسة أمنية تنأى عن العنف وتتميز باللين والتسامح انطلاقا من حسه الأمني الراشد الذي ينظر للعملية الأمنية على أنها بناء دولة يسودها النظام وتكفل الحماية لجميع المواطنين. والمتتبع للأحداث والمواقف التي تعرضت لها بلادنا ممن حاولوا زعزعة أمن هذه البلاد من المغرر بهم ومن الفئة الضالة يشهد بتفرد هذا القائد وتعامله الحكيم والرشيد مع كل الأحداث بمهارة وحذق وحسن تعامل ولم تخرجه جسامة المهام والمسؤوليات عن حكمته رغم أنه كان يعمل مواصلا الليل بالنهار من أجل تعزيز الحمل الأمني الثقيل الذي حمله برجولة وأمان في هذه الظروف العصيبة، ولا غرو أن يكون له هذا الحضور والزخم في قلب الأحداث الجسام فقد نشأ وتربى في مدرسة والده الراحل الكبير ورجل الأمن الفذ الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، يرحمه الله، حيث تشرب أسلوبه الإداري في إدارة الأزمات والمشاكل الأمنية التي يقف الإرهاب في مقدمتها، حيث تبنى سموه استراتيجية متزنة لعلاج هذه المشكلة وهذا الفكر الضال عبر عزلها وفق خطط مدروسة مع الاهتمام بقضية المناصحة لأصحاب هذا الفكر عبر حلول سلوكية علمية لمن يقع في قبضة الأمن حتى يثوب الى رشده ويمارس حياته بشكل طبيعي ويخدم وطنه ويساهم في نمائه وقد لقيت هذه الاستراتيجية قبولا رائعا وأثمرت عن تخليص المئات من الفكر الضال الذي تورطوا فيه. ووفقا لمصادر مطلعة فإن وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الذي يقف في واجهة العمل الأمني يحول دوما مكتبه حتى أوقات متأخرة من الليل خلية نحل وحركة دائبة لا تهدأ يعالج الملفات الأمنية الشائكة ويدير المتابعات الأمنية الحديثة بكل هدوء وحكمة. ومنذ أن تولى الموقع القيادي مسؤولا عن الأجهزة الأمنية في السعودية، بدأ بإعادة ترتيبها وهيكلتها، وهيأ لها مسارات حديثة للتواصل مع الجمهور. ولم يكن الهاجس الأمني هو الشاغل الوحيد لفكر سموه الكريم بل لسموه مواقف إنسانية نبيلة مع أسر الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن، وهو موقف دأب سموه عليه بكل حب وحدب وهي سمة لقيادتنا الرشيدة التي طالما عودتنا على الوقوف مع أبنائها في السراء والضراء، فما تمر مناسبة إلا ونجد لسموه حضورا إنسانيا مع تلك الأسر، سواء من حيث المكافآت المادية أو المعنوية وقضاء كافة احتياجاتهم وتسهيل كل شؤونهم في جميع مرافق ومؤسسات الدولة. وبالأمس، خاطب سموه الكريم كل من طاله جرح العنف والتطرف من المصابين وأطفال الشهداء بالقول: «والدكم الحاني خادم الحرمين الشريفين وأنا والدكم الثاني»، في رسالة أبوية شامخة تعكس مدى الحرص والرعاية التي توليها القيادة الرشيدة لكل من ضحى من أجل الوطن.