لم يتمالك ضيوف خادم الحرمين الشريفين من مسلمي كوبا مشاعرهم وهم يحطون رحالهم في المشاعر المقدسة لأول مرة بعد أن كانت رحلة الحج وحيا من نسج خيالهم في ظل حكم شيوعي مسيطر عليهم في بلادهم، إلى أن أصبحت واقعا ماثلا أمامهم بعد أن تمت الموافقة على استضافتهم ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين في وزارة الشؤون الإسلامية، وبدا ذلك واضحا على وجوههم وأحاديثهم المليئة بالمشاعر الطيبة والتعبيرات الصادقة. ويعيش الضيوف الخمسة مجتمعين في مجتمع منغلق تسوسه مؤسسة عسكرية أسهمت في انغلاق المجتمع بفعل إعلامهم المنغلق أيضا حتى أن بعضهم يجهل أن معتقل جوانتنامو يقع قريبا منهم. عيسى إلياس - عضو في رابطة إسلامية أسسها ناشطون مسلمون هناك - يقول: نحن حوالي 11 ألف مسلم في البلاد، منا 3 آلاف كوبيو الأصل و8 آلاف من أصول مختلفة، لا يوجد لدينا مسجد واحد ومع ذلك فنحن نصلي في بيوتنا وفي الجمع نجتمع في منزل أحدنا ولايكاد البيت يسعنا جميعا فنعمد إلى استغلال جميع الزوايا والغرف حتى أننا نصلي في الشرفة لنتمكن من أداء الصلاة مجتمعين، ونحن الآن أحوج ما نكون إلى المساجد لتكون منارة إشعاع ومنبر دعوة بالنسبة لنا. وأضاف: ندرك حقيقة أننا كمسلمين نمثل مرآة تعكس قيم الإسلام الحقيقية وعلى كاهلنا حمل ثقيل في هذا الجانب فكل شيء محسوب ومراقب ومتابع ومؤثر، نحن نريد تعليم جماعتنا وأسرنا وننشر الإسلام بشكل كبير. وزاد «لا تستغرب إن قلت لك إن مستخدمي الإنترنت لدينا لا يتجاوزون ما نسبته 5 في المائة لكن هذا الأمر بدأ يتغير مع الجيل الجديد، بالفعل نحن منغلقون على بعضنا حتى إن الجار لا يكاد يعرف جاره ولا يتواصل مع الآخرين إطلاقا، وهذا الأمر يمثل تحديا بالنسبة لنا في أداء مهمتنا». ولك أن تتصور أن كثيرين أيضا لا يملكون خطوط هواتف أرضية وهذه مشكلة أيضا، فالشركة المزودة للخدمة واحدة وقد افتتحت هناك نشاطها قبل 20 عاما فقط، حتى الهواتف الجوالة لم تكن معهودة من قبل لكن هذا الأمر بدأ يتغير بشكل واضح. وبين أن الكوبيين متعطشون إلى القراءة عن الإسلام وأنا من أولئك الذين قرأوا عن الإسلام كتبا عديدة فاقتنعت بهذا الدين الحنيف ودخلت فيه ولله الحمد، وأسعى الآن إلى القيام بمهتمي فأنا الآن أدرس الأديان جميعها وأسعى لتكوين ثقافة الحوار عبر عدد من الاجتماعات لإبراز سماحة هذا الدين الإسلامي وبيان فضائله بهذه الدراسة المتعمقة. وأردف: في الأعياد نستأجر مكانا واسعا لنصلي فيه وكذا في رمضان، ونجمع حوالي 600 مسلم ومسلمة لنؤدي الشعائر هناك. أما إبراهيم بلصي وهو طبيب أعصاب للأطفال فيقول: أسلمت قبل 6 سنوات بعد أن بحثت بشكل مكثف عن الإسلام وزرت رابطة المسلمين هناك في كوبا حتى اقتنعت ودخلت دين الله ولله الحمد، الآن عندما أشاهد المسلمين يصلون في المسجد الحرام لا أملك إلا الدهشة والتعجب من هذه الجموع الغفيرة التي وفدت من كل حدب وصوب ملبية نداء ربها، فهذا حدث ضخم لم أشهد مثله ومدهش جدا. وأضاف: همنا الأكبر الآن وشغلنا الشاغل أن نعمل سويا لخدمة الإسلام ونشر الدين الحنيف هناك، ونحن نعمل جاهدين في هذا الشأن، الآن سأقوم بدوري فور رجوعي إلى بلدي لأنقل كل ماحصل بالتفصيل وكذا فإني سأنشر صوري في الديار المقدسة حتى أوضح للمسلمين هناك الصورة كاملة وأنقل المشاعر الطيبة. وقال: هذه الجزيرة (كوبا) الوليدة والتي كانت مستعمرة إسبانية في وقت سابق أعلنت عن تأسيسها عام 1901م، وقد دخل الإسلام فيها قبل 500 عام تقريبا وكان أول من اعتنق الإسلام بها رجل عائد من إسبانيا بعد حياة قاسية وزاد عدد المسلمين بها لكن الحكم الشيوعي ساهم في تقليصه، كما أن هجرة المسلمين القادمين من سوريا ولبنان وفلسطين أسهم في انتشار هذا الدين الحنيف وكانوا يفدون للدراسة فيها، إضافة إلى مسلمين قادمين من إفريقيا، وقد عاشوا في ظروف قاسية بفعل التضييق عليهم في كوبا.