أشفق كثيرا على صديق لي أعزه وأحترمه كثيرا لما وصل إليه من حال مع نفسه.. فهو لا يرى في دنياه إلا الظلام.. ولا يعرف أن هنالك شمسا مشرقة تضيء الدنيا بنورها.. وليس لديه مانع أن يجادلك ليقنعك أن الشمس تشرق من الغرب على مبدأ (عنز ولو طارت) لا توجد أي مساحة للتفاؤل في حياته، فالتشاؤم من كل شيء السمة الكبرى التي يتسم بها.. عينه لا تقع إلا على السلبيات ويفرح كثيرا لو اكتشف أمرا سلبيا فذلك يوم عيده ومن أجمل أيام حياته ليبدأ تسليط كشافه على تلك السلبيات ويشبعها لوما وقدحا ولا يقبل لها تبريرا حتى لو حصلت بدون قصد.. لا يعترف بالواقع على الإطلاق، فهو يرى ما لا يراه الآخرون، ويطلب حصول ما لا يقبله العقل والمنطق والعرف.. وكم أتمنى أن أسمعه ولو يوما واحدا يحمد الله على ما أنعم به علينا من نعم.. ولكن نفسه جبلت على نكران النعم ولا حول ولا قوة إلا بالله. عرف بذلك في أي مجلس يرتاده يتمنى عليه أصدقاؤه ومحبوه أن تأتي عيناه ولو لمرة واحدة على إيجابية واحدة في مجتمعه، ولكن (هيهات).. يؤمن كثيرا بقانون (خالف تعرف) ويعمل على تطبيقه في كل دروب حياته، يحرص دائما على أن يغرد خارج السرب والخروج عن روح الجماعة أو الفريق الواحد. بمجرد أن يدخل في أي مجلس وقبل إلقاء السلام على الحضور يبدأ في طرح موضوع اليوم، وغالبا ما يكون بالنسبة له صيدا ثمينا، ويبدأ في (سن سكينه) ليقطع بها كل من له طرف في ذلك الموضوع، حيث (هو الخصم وهو الحكم) ولكن دون سماع وجهة النظر الأخرى، ولا يعنيه أبدا إذا كان ما قاله بعيدا كل البعد عن الحقيقة.. المهم أنه يشعر الجميع بأنه موجود بأسلوبه الخارج عن المألوف فقط ليؤكد للجميع (أنني هنا). كم أتمنى أن يتعافى صديقي هذا الذي أحبه كثيرا من هذا الداء، ليصبح شخصا سويا يمدح ويثني حينما يستحق الأمر الثناء، وينتقد حينما يحتاج الأمر إلى الانتقاد، وإن كنت أرى أن تحقيق هذه الأمنية من الصعوبة بمكان وتحتاج إلى تدخل مختص نفسي لعل وعسى أن يخرجه مما هو عليه.. وما ذلك على الله بعزيز.