بات الحفاظ على التراث الوطني مطلبا شعبيا، خوفا من اندثاره باعتباره واجهة حضارية وإرثا للأجيال المقبلة لتتعرف على واقع أجدادها. وفيما لا يزال «قصر الحضارات الإسلامية» الذي يتربع على قمم جبال السروات بمنطقة عسير، في الجهة الشمالية من مدينة أبها، يقف شامخا على جبال محافظة النماص كشاهد عصر على زمن التاريخ الإسلامي العريق، تقف طموحات الأهالي واضحة في تطوير كيان هذا القصر، والوصول به إلى مصاف المتاحف العالمية المتميزة في مجال التراث والثقافة. وشيد عمارة هذا القصر المواطن محمد بن علي المقر، على مدى 27 عاما، متربعا بتصميمه المعماري الفريد من نوعه على هامات جبال السروات، ليسترجع للعالم عبر 300 نافذة من الطراز الأندلسي، تاريخ حضارات الدول الإسلامية التي برزت بعلمها وثقافتها عبر مر القرون. ويحتوي القصر على (20) واجهة وأكثر من (30) زاوية، كما يحتوي على (360) عمودا موزعة على عدد أيام السنة تتشبع جدرانها بالحضارة الأموية والعباسية، ويوجد كذلك (ثلاثة ملايين) زخرفة إسلامية نباتية. إضافة إلى ذلك فإن القصر يحتوي على (مليوني حفر إسلامي) أندلسي وأموي وعباسي، منتشرة في زوايا المبنى بأدواره الأربعة. ويمثل الدور الأول حضارة الدولة الأموية والأندلسية والعباسية، ويمثل الدور الثاني حضارة العالم الإسلامي من الصين شرقا حتى غرب أفريقيا، محتويا على أكثر من (18) ألف قطعة تراثية، بينما يمثل الدور الثالث حضارة العالم الإسلامي في الغرب وبه أكثر من (80) ألف مخطوطة. ويعد القصر السجل الأول في التاريخ الإسلامي للمخطوطات المكتوبة باليد للقرآن الكريم، حيث يوجد به أكثر من ألف مخطوطة قرآن كريم، خطها ألف عالم. ويقول محمد المقر، إنه صمم في هذا القصر سبع قبب تمثل قارات العالم، موضحا أن القصر أصبح قبلة لزوار النماص، ومشهدا حضاريا إسلاميا على مستوى المملكة يضم أكثر من عشرين واجهة، وأروقته محاطة بالحدائق المعلقة. وأضاف أن العمل لا يزال جاريا في حدائق القصر التي تسقى من خلال قنوات وينابيع مياه استخدم فيها العناصر الزخرفية الرقيقة في قالب هندسي فريد من تصميمه شخصيا وزخارف المعمار الأندلسي الذي يكسو الجدران، محاطا بالقيشاني المطرز بالنقوش العربية التي ذاع صيتها في الأندلس.