تعاودنا ذكرى اليوم الوطني المجيد.. مناسبة غالية وعزيزة على جميع المواطنين.. هي ذكرى تأسيس هذا الكيان الكبير (المملكة العربية السعودية) على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود.. على أسس ترسخت وامتدت ضاربة جذورها على امتداد هذا الوطن العتيد.. لتتواصل مسيرة بناء ونماء ممتدة.. بوأت المملكة مكانا أثيرا مرموقا بين أمم العالم.. في مسيرة توحيدية ربما تكون غير مسبوقة في التاريخ الحديث للبشرية من حيث امتدادها وأسس توحدها.. وحالة «الانصهار «Integration» الذي حققته في مدى زمني يعد محدودا في معايير التوحد الأممي.. ويمكن القول بهذا إن تجربة الوحدة السعودية سبقت نظريات العلوم السياسية التي تناولت ظواهر الانصهار الأممي. وحري بنا في هذه المناسبة الغالية على نفوسنا جميعا على امتداد هذه الأرض المباركة المعطاءة المتوجة ببيت الله الحرام ومسجد رسوله سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه.. أن نتوجه إلى المولى عز وجل لنشكره على ما أنعم به علينا من وطن جامع وأمن وارف وخير وافر.. وهي نعم عظيمة.. من واجبنا أن نبذل كل ما نملك من جهد وفكر وعطاء لنحافظ على هذا الوطن العزيز وعلى وحدة أهله وتماسكهم وتعاضدهم والتحامهم الراسخ بولاة أمرهم.. والتنبه إلى ما يهدف إليه المتربصون والمغرضون الحاسدون لنا على ما أنعم الله به علينا من نعم كريمة وكثيرة وله الحمد والمنة أولا وأخيرا. وفي هذه المناسبة العزيزة.. مناسبة الاحتفال بذكرى اليوم الوطني المجيد للمملكة.. يخرج الشباب إلى الشوارع معبرين عن فرحتهم واغتباطهم.. يخرجون بسياراتهم ويسيرون على أقدامهم.. حاملين أعلام البلاد مرددين الأناشيد والأغاني الوطنية. وهذا من حقهم وهو أمر طبيعي.. بل من الجميل أن يتفاعل الشباب مع هذه المناسبة ويخرجون للتعبير عن سعادتهم بها. ولكن حدث خلال احتفاليات السنوات الماضية انحراف بعض الشباب عن المسار الصحيح والمستحق للاحتفال.. حيث جنح البعض منهم إلى الخروج على الأنظمة وعدم التقيد بالقواعد والآداب والسلوكيات العامة.. وقام البعض بتعطيل حركة السير.. وإزعاج المارة والساكنين في بيوتهم.. والتجاوز على الآداب العامة. وهو أمر لا يليق بالشباب السعودي.. ولا يليق بمناسبة تاريخية هامة وعزيزة على نفوسنا.. ينبغي أن نحتفل بها ونحتفي بمضامينها بطريقة حضارية تتناسب مع قيمتها وتليق بالإنسان السعودي. والمستغرب أنه رغم تكرار حدوث هذه التجاوزات في كل عام بالمدن الرئيسية بالمملكة خلال الاحتفالات بذكرى اليوم الوطني.. إلا أن جهة رسمية أو غير رسمية لم تتحرك لتشذيب المسار.. وتصحيح الوضع ومعالجة المشكلة قبل أن تستفحل.. وربما تؤدي -لا سمح الله- إلى ما لا تحمد عقباه من تجاوزات وأضرار وغيره.. مما لا نتمناه. يحدث هذا رغم أن التصدي لهذه المشكلة أمر متاح وسهل التنفيذ -ولا أعلم لماذا لم يتم شيء حوله رغم أهمية وخطورة الوضع-. الأمر ببساطة يتطلب تخصيص ساحات وأماكن فسيحة لتنظيم الاحتفالات.. كما يتطلب من الأندية الرياضية أن تشرع أبوابها وملاعبها وساحاتها لاستيعاب احتفالات الشباب.. ودعوة الشباب بكل وسائل الاتصالات المتاحة للحضور إليها والاحتفال بها.. وإقامة الألعاب الشعبية فيها. على أن يترافق ذلك مع حملة إعلامية مبنية على أسس علمية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.. وذلك بهدف توعية الشباب بمضامين ذكرى التوحيد وأسباب الاحتفال بها.. وتنويرهم بسبل الاحتفال الحضاري بهذه المناسبة. والسلوكيات والتصرفات التي يتوجب عليهم تجنبها.. وأهمية الالتزام بالأنظمة والتقيد بآداب السلوك العام واحترام حقوق الآخرين. وفي تصوري أن إمارات المناطق هي الجهة التي ينبغي أن تقوم بالدور الأساس في تحقيق ذلك.. باعتبارها جهة الحكم الإداري في المنطقة وبإمكانها تحريك كافة الجهات الحكومية والأهلية للاضطلاع بواجباتها الوطنية في واحدة من أهم مناسبات البلاد.. وربما يحتاج الأمر إلى تشكيل لجان متخصصة في إمارات المناطق لهذا الغرض.