من اللافت والمؤلم أن يقارب الشغور الرئاسي في لبنان مدة التسعين يوما. خلافات طاحنة بين التيارات والأحزاب. حديث كثير عن تعديلات دستورية من أجل تسهيل وصول الرئيس المأمول. طرحت أسماء عديدة بعضها توافقي والبعض الآخر موضع خلاف كبير. وصول سمير جعجع أو ميشيل عون يعتبر مستحيلا ضمن الحراك السياسي الحالي. ظن كثيرون أن للتقارب بين التيار الوطني وحزب المستقبل والذي تجلى بلقاء باريس يمكنه أن يكون جسرا للتسوية وبالتالي إيصال ميشيل عون إلى سدة الرئاسة وهو الحلم الذي يراوده، والأمل الذي يسكن ذهن طرف آخر هو من صقور المسيحيين وأعني به سمير جعجع، فشلت كل تلك التوقعات. ومن ثم الآن هناك حديث عن وصول عادي لقائد الجيش العماد جان قهوجي، على خطى إيميل لحود، وميشال سليمان، حيث يكون انتخاب قائد الجيش حلا سهلا لأزمة رئاسة الجمهورية كما هو الحال كل مرة. ثمة زيارات عديدة يقوم بها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ولا غرابة أن تكون موضع تفاؤل، ذلك أن الدروز في لبنان هم بيضة القبان، ومواقف جنبلاط هي مروحة تحرك الهواء السياسي وتوجهه في لبنان، ذلك أنه مشهور بالانعطافات و«التكويعات» على حد تعبير اللبنانيين. زار جنبلاط رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وسيتبعها بزيارة إلى ميشيل عون، وقبل ذلك زار سمير جعجع والحريري، مرشحه الوحيد هو هنري الحلو، لكنه لا يحظى بتأييد في الأوساط المسيحية. شغور الرئاسة في لبنان يعبر عن أزمة في الخلاف المسيحي المسيحي وهي عميقة جدا، تعود إلى الثمانينات حيث الحروب الطاحنة بين الأطراف، ونتذكر أن الدماء لم تجف، وهناك نفوس مشحونة، والرموز في الساحة هم نفسهم رموز الحرب وبالتالي الخيارات ستكون دائما مسممة بذكرى الماضي، لكن في ظل أزمة المسيحيين في المنطقة العربية نظير صعود تيارات نفيهم، ألا يهب الزعماء بلبنان لإنقاذ هذا المنصب الحساس في ظرف مسيحي بالمنطقة عصيب؟!www.turkid.net