أكد عدد من المسؤولين وأهل الرأي ضرورة تقويم الخطباء الحاليين بالدورات واللقاءات الدورية مع العلماء لضبط الأفكار ووزن الآراء والتنبيه على الأخطار وكيفية يمكن تجاوزها بما يتلاءم مع الوسطية وسماحة الإسلام. وأضافوا أن دعوة بعض الخطباء للتحزب ينم عن عدم رؤية ثاقبة منهم لما يحث في العالم الإسلامي من شتات وأن مثل هذه الدعوات تقود إلى مزالق الخطر والشتات والفرقة بين أبناء الأمة، مؤكدين في نفس الوقت أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تبذل حيثيات في توعية الخطباء وتحصينهم ضد التحزب وما يمكن أن يلوث عقيدتهم. وفي هذا السياق، أوضح الدكتور عازب بن سعيد آل مسبل عضو مجلس الشورى بقوله «مع علمي بما تبذله وزارة الشؤون الإسلامية من جهود في هذا الموضوع إلا أنني مازلت أؤكد على ضرورة تقويم الخطباء وأنه مما لا شك فيه أن خطيب الجمعة له أثر بالغ في جمع الكلمة ووحدة الصف وتثقيف المجتمع ونشر الوعي الديني والأخلاقي في وسط مجتمعه، ومن وجهة نظري أن الخطيب لا يكون له ذلك الأثر الإيجابي إلا إذا أعد إعدادا صحيحا وهذا من الأمور المكتسبة بالتعلم بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي، وكما هو معلوم أننا نعيش في عالم عصفت به الأمواج حتى اختلط الأمر فيه على عقلاء الناس فكيف بالعامة فلا بد من توجيه المجتمع لما فيه صلاح دينهم ودنياهم والابتعاد بهم عن مزالق التحزب والتطرف وتحصينهم ضد ما قد يلوث عليهم صفاء عقيدتهم ويفسد حياتهم ولا يكونوا ذلك إلا إذا كان خطيب الجمعة على مستوى من الفهم والوعي والإدراك لما حوله فهو كالطبيب الذي يشخص الحالة ثم يعطي لها العلاج المناسب في منطق سليم وحجة بالغة ومهارة بارعة في توظيف نصوص الكتاب والسنة لصيانة وحماية المجتمع. وأضاف بقوله «لا بد من تقويم الخطباء الحاليين بالدورات واللقاءات الدورية مع العلماء لضبط الأفكار ووزن الآراء والتنبيه على الأخطار المحدقة وكيفية التعامل معها بما يحقق تجاوز المحن والثبات على الحق لجمع الكلمة ووحدة الصف والتزام جماعة المسلمين والتركيز على اختيار الإمام والخطيب والعناية بذلك حتى لو يتم الاتفاق مع الجامعات الشرعية بالترشيح لهذا الأمر كما يفعل باختيار القضاة والوقوف بحزم أمام كل من يسعى إلى التحزب وتفريق الأمة وإضعاف شوكتها أو التهاون في إعداد الخطبة وإضعاف مكانة المنبر، حمى الله بلادنا وأهلها من كيد الكائدين وشر المفسدين. من جهته، أوضح صالح مقبل العصيمي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمشرف العام على موقع الإسلام النقي أن على الخطيب أن يبتعد عن التخصيص وأن يتحدث في العموميات وكذلك أن يناقش القضايا كمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يتطرق إلى ما يفهم منه القصد فيناقش المسألة دون مناقشة الأشخاص، وعلى الخطيب أيضا أن يبتعد عن الفتن وإثارتها وأن يبين الجوانب الإيجابية التي تجنى من وحدة كلمة المسلمين ومن أهمها الأمن والأمان وحفظ أعراض الناس، وكذلك يجب على الخطيب مناقشة آثار التمزق الذي أصاب الأمم المتفرقة، ومن أهم ما يجب أن يتميز به الخطيب هو أن يكون عالما بما يسمى ب«فقه المآلات» وما تؤول إليه كلمته، وما ستؤول إليه الفرقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقر الصحابة على العنف مع قريش مع إمكانيات ذلك، ويجب على الخطيب أن يورد الأدلة من الكتاب والسنة والتي تجمع فرقة المسلمين ولا تحث على شتاتهم قال تعالى «ولا تنازعوا فتذهب ريحكم» الآية وكذلك يجب عليه أن يركز على جانب السمع والطاعة وأن يبين بأنها عبادة وليس كما يظن البعض أنه تملق أو مداراة. وعن العقوبات التي تفرضها وزارة الشؤون الإسلامية على من يحاول تحزيب المسلمين وتشتيتهم أعتقد أن لدى الوزارة حزمة من المرئيات لا يتاح فيها للمخطئ العودة للمنبر الدعوي وهناك أخطاء أخرى يحتاج صاحبها للتوجيه والتصحيح، والغالب لدى الوزارة هو إرشاد المخطئ وتنبيهه، وليست كما يقول البعض إنها تستخدم عقوبة الفصل عند أول خطأ بل هي تتحرى وتبذل كل السبل في إصلاح مثل ذلك. من جانبه، أوضح سعيد محمد القضعان إمام جامع الرحمة وعضو جمعية الكوثر بقوله «نحن اليوم في أمس الحاجة حقيقة إلى العلماء الذين يجمعون فرقة المسلمين، بعيدا عن قضية التحزب، بعيدا عن قضية الجماعات والفرق التي فعلا تنازعت، دين الله تعالى دين فطري جميل دين رائع له حلاوة عليه طلاوة علينا أن نقول للناس تعالوا يا أيها الناس أيها المسلمون لنأخذ ديننا من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبكل صفاء ونقاء هو الينبوع الصادر يجب أن نرده وأن نشرب منه». وقال الشيخ محمد سفر الأسمري إمام وخطيب جامع أبو دبيل إنه آن الأوان لجميع المسلمين أن يتحدوا تحت راية واحدة، بعيدا عن التحزبات والجماعات والحركات قال تعالى (واعتصموا بحبلِ الله جميعا ولا تفرقوا..) الآية، وأن الأصل العودة إلى الكتاب والسنة فلو عاد الجميع والخطيب بالأخص للكتاب والسنة لما كان هناك فرقة وتشتت وقد قال صلى الله عليه وسلم «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي». وأضاف الأسمري، أن الناظر لسير الصحابة ومواقفهم، يؤكد أنهم لا ينظرون لمصالحهم الشخصية، بقدر نظرتهم لأعلاء الإسلام والمسلمين على حساب الأمور الشخصية والحياة الشخصية، ولذلك نقول للذين يتعصبون إن الرسول صلى الله عليه وسلم على مدار حياته كان دائما يعلو بأمر الإسلام والمسلمين ويدعو لعدم التفرق والتحزب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما رجل خرج، يفرق بين أمتي فاضربوا عنقه»، والإسلام جاء بتأليف القلوب، وجمعها على الحق، ومناصرة المؤمنين، ومعاونتهم على البر والتقوى كما قال تعالى «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» الآية.