أكد عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع أن كلمة خادم الحرمين الشريفين كان لها أثر كبير في الإدارة والحفز والتأكيد على العلماء بالشعور بمسؤوليتهم. وقال في حوار مع «عكاظ» شعرنا بالشيء الكثير من التقصير بما نسبه إلينا حفظه الله وهو صادق فيما قال فنحن معشر علماء المملكة لم نقم بواجبنا من تبصير وتوجيه المجتمع، لافتا إلى أن الكلمة جاءت بلسما شافيا، تؤكد وجوب بذل الجهود المتاحة في سبيل التوعية والتبصير للمجتمع بكافة مستوياته. وحث المنيع الشباب على حضور محاضن العلم الشرعي وارتيادها من المنابر والحلقات وغيرها، لينالوا العلم الصحيح ويطرحوا أسئلتهم وكل ما يشكل عليهم على العلماء، لافتا إلى أن على الشباب مسؤولية كبرى في الحفاظ على أمن الوطن واستقرارها، والاتعاظ بما حولهم من البلدان الأخرى المضطربة. وشدد على أهمية استشعار المكانة العظيمة للمملكة كونها المركز الرئيس للديانة الإسلامية، لافتا إلى أن التقصير وارد في كل مكان وعلى كل المستويات وأن الإنسان مطالب بالعمل وإصلاح النية للحصول على توفيق الله. ودعا المنيع كل من لديه أسئلة أو شكوك فكرية إلى الحوار والاستفادة ومواجهة العلماء للخروج بحصيلة علمية جيدة ودحض كل الشبهات العالقة في أذهانهم .. فإلى تفاصيل الحوار: * ماذا لمستم من خطاب خادم الحرمين الشريفين لدى لقائه بالعلماء مؤخرا ؟ ** كنت أحد حضور هذه الجلسة المباركة مع والدنا وحبيبنا وقائدنا المفدى خادم الحرمين الشريفين.. والحقيقة أن كلمته كان لها أثر كبير في الإدارة والحفز وتأكيد الشعور بالمسؤولية لاسيما في ما يتعلق بدور العلماء على وجه العموم وهيئة كبار العلماء على وجه الخصوص وقد أعطانا مزيدا من الحفز والتأكيد للشعور بالمسؤولية. وقد صدر بيان من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء على أساس أن هناك تخطيطا استراتيجيا يتعلق بتبصير وتوجيه وتعرية الأمور التي من شأنها أن تكون مانعا عن الحق، توضيحا للمغرر بهم، وقد كان لهذه الكلمة الأثر الكبير جدا بشعوره -حفظه الله- بمسؤوليته تجاه بلاده وتجاه ولايته ومسؤوليته أمام المسلمين بصفة عامة وأمام الرأي العام العالمي بصفة عامة خصوصا فيما يتعلق بالإرهاب الذي هو من أسباب إثارة الاضطرابات والفتن وتهديد الأمن والتأثير عليه ما يجعل الإنسان دائما على شعور بالخطر في جميع ما يتعلق بحقوقه في ماله ونفسه ودمه ونسله وعرضه وجميع ما يتعلق بالحقوق المتفق عليها. ونحن شعرنا بالشيء الكثير أولا بالتقصير بما نسبه إلينا وهو صادق فيما قال، فنحن معشر علماء المملكة لم نقم بواجبنا نحو ما يجب من تبصير وتوجيه المجتمع وفي نفس الأمر نحن وإن كنا مع تقصيرنا إلا أننا في حاجة إلى توجيه ووجود قيادة من شأنها أن تخطط لنهج تربوي دعوي تبصيري من شأنه أن يوضح الحقائق التي تنير السبيل أمام من يراد تنويرهم والحمد لله هذه الكلمة جاءت بلسما شافيا، بل وجوب بذل الجهود المتاحة في سبيل توعية وتبصير إخواننا في مختلف المستويات من أعمارهم من شباب وكهول وشيوخ.. لاشك أن هذا سيكون له أثر كبير ونسأل الله التوفيق وأن يمدنا بالسداد والهداية وأن يرينا من أعمالنا ما فيه الخير والصلاح. تأويلات فاسدة * أصحاب الفكر المنحرف لديهم تأويلات فاسدة لنصوص الكتاب والسنة، كيف يتصدى العلماء لها؟ ** لاشك أن هذه مسؤولية العلماء فما يتعلق بدحض الشبه والرجوع لما يحتج به من تأويلات تعسفية ضالة، فبيان العلماء لخطأ وانحراف هؤلاء في تأويلهم وتعسفهم في التأويل لاشك له أثر كبير وهذه مسؤولية العلماء وهي كشف الشبهات التي تغرر بمجموعة كبيرة من شبابنا ونحن بناء على هذا نأمل أن يكون في استراتيجياتنا ومنهجنا ما يزيل الشك ويقف أمام تيار هذا الانحراف الفكري. الثقة في العلماء * أليست كلمة خادم الحرمين الشريفين نابعة من ثقته في العلماء وأنهم خير من يوجه الأمة ويبصرها بحقيقة واقعها؟ ** حقيقة نعم ولهذا جزاه الله خيرا وجه كلامه لائما على التقصير وعدم وجود ما يبدد هذه الشبهات الباطلة حيث إنهم هم القادرون بتوفيق الله وفضله على دحض هذه الشبهات أكثر من غيرهم، فغيرهم قد يكون لديه شغف ورغبة ملحة لكن قد لا يكون لديه القدرة على الرد ودحض هذه الشبهات ما يكون لدى العلماء الذين هم أقدر من غيرهم على دفعها، ولهذا فالملك -حفظه الله- وجه توجيها خاصا وأكد عليهم مسؤوليتهم وأكد ضرورة تحصينهم للمجتمع وتبصيره بما يجب عليهم تجاهه. تواجد العلماء * تواجد العلماء في الساحة ألا ترون أن فيه منعا لأصحاب الفكر الضال وغيرهم من غير المؤهلين للفتوى؟ ** لعله لا يمنعهم لكن يزيد الناس إيضاحا وتوجيها لهم ولغيرهم فأنت تعلم أن الطبيب الذي يكون في مجال التعلم ويحضر العمليات الطبية يستفيد فائدة كبيرة من كبار الأطباء والمتخصصين في المجال ذاته، فكذلك العلماء الناشئون يستفيدون فائدة كبيرة من إخوانهم الذين هم بمثابة مشايخ لهم فلا أقول إنهم يحدون منهم ولكن سيزيدهم بصيرة وقوة في سبيل المساعدة من العلماء لإزالة الشبهات. دور الشباب * ما دور الشباب تجاه تلقي العلم الشرعي الصحيح من العلماء وارتياد المنابر المختلفة التي يتواجد فيها العلماء المعتبرون؟ ** نعم هذا الصحيح، يجب على شبابنا أن يعنوا باجتماعات العلماء على أساس أنهم ينهلون منهم ويستفتونهم ويستشيرونهم ويطرحون عليهم الشبهات القادمة من ذوي الأفكار الضالة وهذا من أكبر الأسباب في سبيل دحض شبه الضالين وفي نفس الأمر فإن التوجيه ذاته موجه بالدرجة الأولى للشباب أنفسهم فهم بحاجة إلى كل ما يكون سببا في صلاحهم واعتدالهم. تأثير العلماء * ألا ترون أن أصحاب الفكر الضال ينتهجون منهج تزهيد الشباب في العلماء وتشويه صورتهم سعيا حتى يتمكنوا من بث سمومهم ؟ ** لا شك ولهذا فالدعوة إلى ضرورة تكثيف جهود العلماء نحو الشباب هو الهدف وإيصاد الأبواب تجاه ذوي الأفكار المنحرفة والتصدي للتأويلات السيئة التي تعطي أفكارا سيئة وتحدث فجوة بينهم وبين علمائهم. * البعض يرتاد مواقع معلوماتية مشبوهة ويرون أنها مصدر لتلقي العلم والفتاوى، ماردكم على هؤلاء؟ ** نحن نقول لشبابنا أيها الشباب عليكم بالاتجاه الصحيح والاعتدال في الأفكار والتلاحم مع علمائكم والسؤال فيما يشكل عليكم ممن هم محل ثقة والله تعالى يقول (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). ولاشك أن الشباب عليهم مسؤولية كبرى في العناية بأمن هذه البلاد واستقرارها وقواعد ثوابتها ويجب أن يكون هناك رعاية تامة من الشباب واهتمام منهم بتحصين أنفسهم بشكل صحيح، فإن الفتن إذا جاءت لا تفرق بين صغير وكبير وشاب وشيخ ولكنها نار تأكل الأخضر واليابس فعلى إخواننا الشباب أن يتقوا الله ويتعظوا بما حولهم من البلدان الأخرى التي هي في حال من الارتباك والاضطراب وغير ذلك فنحن في نعمة عظيمة ولله الحمد وعلينا أن نحميها بما نستطيع من أي تيار يؤثر عليها. الأئمة والخطباء * ما الكلمة التي توجهونها للأئمة والخطباء في هذا السياق؟ ** لا شك أن الخطباء هم جزء وشريحة من العلماء، فالواجب على من يخطب ويتحدث أن يكون مؤهلا، وعليه المسؤولية التي تكون على العلماء من التوجيه والتبصير، وإذا كانت لديه بعض الإشكالات فيمكنه أن يتصل بإخوانه من العلماء الآخرين ممن يوجد عندهم الجواب وفي نفس الوقت يكون توجيههم وتبصيرهم على بصيرة وارتياح وهدى مستقيم في سبيل تحقيق الهدف النبيل. منبر الفضائيات * الفضائيات.. أليست منبرا يفضل ارتياده لوصول العالم إلى شريحة كبيرة من المجتمع ؟ ** بلى والله، لاشك أنها من أكبر منابر التوعية والتوجيه ولهذا تعلمون أن مجموعة من الفضائيات نذرت نفسها لأن تكون بصيرة ومبصرة في سبيل خدمة وتوعية المسلمين سواء كانوا من مواطني المملكة العربية السعودية أو المواطنين الآخرين في العالم الإسلامي وكذلك الجاليات الموجودة في البلاد غير الإسلامية فهم بحاجة إلى تبصير.. ولا شك أن الفضائيات وسيلة لتبصير الناس بالمعلومات والأفكار ولاشك أن على القائمين عليها مسؤولية العناية بالتوجيه والتبصير وأعتقد أن هذه الفضائيات من أكبر المنابر للتوعية والإصلاح والتوجيه. فروع الإفتاء * فروع الإفتاء في المناطق ما الدور المنتظر منها؟ ** الرئاسة العامة للبحوث والفتوى عينت مجموعة من العلماء المؤهلين للإفتاء في عدد من مناطق المملكة سواء في منطقة مكة الكرمة والدمام والرياض الذي هو الفرع الرئيس ومدن أخرى، وهي في صدد استكمال برنامج تعميم الإفتاء في كل المناطق لتكون مراكز ومكاتب لتوعية وتبصير الناس لأن الرئاسة العامة للبحوث والفتوى مختصة في هذا الجانب، ونسأل الله أن ييسر ما يجعلهم يكملون مشوار نشاطهم في التوعية والتوجيه والفتوى. كبار العلماء * أنتم من أقدم الأعضاء الذين عاصروا تأسيس هيئة كبار العلماء، وفي مسيرة الهيئة الكثير من المواقف المشهودة لهذه الهيئة، كيف تقرأون هذه المواقف والأحداث وتاريخ الهيئة؟ ** الهيئة لها أكثر من 40 عاما منذ تأسيسها، وقد أصدرت أكثر من 500 قرار فيما يتعلق بفتاوى خاصة وعامة، وكذلك بيانات تتعلق فيما يجب على الأمة الإسلامية معرفته والأخذ به والاستدلال على مسالكهم بما فيها من توجيه وبيان.. معتمدة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهي قائمة بجزء من واجبها لا أقول واجبها كاملا.. أما الواجب فهو أعظم بكثير وهناك تقصير. الجامعات والمعاهد * الجامعات والمعاهد والمحاضن التعليمية الشرعية ما دورها في هذا الجانب؟ ** لاشك أن لدينا العديد من الجامعات فيها نشاطات شرعية سواء كانت متخصصة كجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض وجامعة أم القرى بمكةالمكرمة والجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة وهي جامعات متخصصة في ما يتعلق بالشؤون الإسلامية والدعوة والتوجيه والإرشاد وكذلك فالجامعات الأخرى أيضا فيها نشاطات إسلامية تتعلق بالتوجيه وعليها مسؤولية كبرى من خلال عدد من الأنشطة التي تقيمها وكذلك المؤسسات الأخرى والجمعيات عليها دور من خلال الأشخاص الذين يقدمون عددا من الفعاليات والأنشطة كذلك. كلمة حق * ما الكلمة التي توجهونها لمن ضلوا الطريق من الشباب وما يجب عليهم من معرفة الحق والرجوع إليه؟ ** أقول لشبابنا اتقوا الله في أنفسكم وفي إسلامكم وبلادكم وأهل بلادكم وقيادتكم وفيما من الله على بلادكم من أمن واستقرار ومركزية رئاسية، فهي المركز الرئيسي للديانة الإسلامية فعلينا استشعار هذه المكانة العظيمة والنعمة وعلينا المحافظة عليها وإذا وجد تقصير من أي شريحة من المجتمع أو من نفس ولاتنا أنفسهم فلا يخفى أن الإنسان مجبول على التقصير، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم خطاء وخير الخطائين التوابون) لكن إذا وجدت النية الصالحة واتجه شبابنا للعمل فإن الله تعالى يقول (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)، ومن رؤية الله عمل عباده أن يوفقهم وييسر أمورهم بعد وجود صلاح النية. وفي الختام فإنه ليس عندي أكثر مما تقدمت به لكنني أرجو وأدعو لمليكنا بالتوفيق والهداية والصلاح وأن ييسر الله له من أمره رشدا وأن يسبغ عليه الصحة والعافية، وفي نفس الأمر فإن ما تكلم به جزاه الله خيرا من صميم شعوره بالمسؤولية تجاه بلاده وأهل بلاده وفي تجاه المسلمين بصفة عامة وتجاه التحذير من الإرهاب وأهله الذين نذروا أنفسهم للضلال، سواء مجتهدين أو غير ذلك، إلا أن الإجماع بين أهل العقول النيرة على أنهم على ضلالة فيجب عليهم أن يتقوا الله ويعودوا إلى دينهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده كتاب الله وسنتي)، فعلينا أن نرجع إلى ديننا، وإذا لديهم بعض الإشكالات فيمكنهم أن يتقدموا للسؤال والحوار والنقاش، فإن الملك عبدالله -حفظه الله- أوجد مركزا للحوار فيمكنهم أن يأتوا ويسألوا ويتحاوروا فيتضح الحق ويزيغ الباطل وهي فرصة لعل الله أن يجعل فيها الخير والبركة، فإما أن يقنعونا بصحتهم أو نقنعهم بخطئهم.