أعرف أن إسرائيل إنما قامت على أكتاف الأمريكان، كما أعرف أيضا أنها تلقى منهم دعما عسكريا وسياسيا لاحدود له، وهذا الدعم هو الذي أبقاها على قيد الحياة حتى الآن، ولكن الشيء الذي لم أكن أعرفه أن هناك مقاتلين أمريكان يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي الذي يقاتل الغزاويين، وما زال يفعل ذلك حتى كتابة هذا المقال. الحرب التي تدور رحاها في غزة كشفت لنا أشياء كثيرة ماكنا نتوقع رؤيتها ولكنها بانت واتضحت وأصبحت واقعا لايمكن إنكاره !! وأحد هذه الأشياء وجود أكثر من ألف مقاتل أمريكي يعملون مع قوات الصهاينة جنبا إلى جنب، ويمارسون معهم عملية الإبادة الجماعية التي يرتكبونها حاليا في غزة !! وجود هذا العدد من الجنود الأمريكان مع الجيش الإسرائيلي اتضح أنه ليس الأول من نوعه، فقد كشف موقع (ديلي بيست) الإخباري الأمريكي أن هناك من قاتل أو تطوع مع الجيش الإسرائيلي في حروب سابقة ضد العرب، وأن بعض هؤلاء وصل إلى مناصب عليا في أمريكا ومن هؤلاء ( مارتن أنديك ) الذي أصبح مبعوثا للسلام في الشرق الأوسط !!. في الحرب الدائرة في غزة قتل اثنان من ( المجاهدين الأمريكان !! ) وقد أبدى وزير الخارجية الأمريكي حزنه عليهما عندما زار إسرائيل، وربما لو لم يقتلا لأصبح لهما مكانة كبرى في أمريكا شأنهما شأن الآخرين الذين سبقوهما إلى قتل الفلسطينيين وحصلوا على مكانة تليق بأفعالهم !! بطبيعة الحال لا يمكن القول إن حكومة أمريكا لا تعلم بما يفعله مواطنوها في إسرائيل، كما لا يمكن القول إنها غير راضية عما يرتكبونه من جرائم في حق آخرين لم يحاربوهم ولم يسيئوا إليهم، فأمريكا تعلم بكل ذلك وتؤيده، وهذا الواقع يطرح أسئلة كثيرة في الشارع العربي خاصة وفي الشارع الإسلامي عامة ، وعلى الأمريكان أن يجدوا إجابة مقنعة لتلك الأسئلة وإلا فليصمتوا عن طرح ذلك السؤال الغبي الذي رددوه طويلا وهو: لماذا يكرهوننا ؟ ولكي نفهم حالة ( الجهاد الأمريكي !! ) لابد من عقد مقارنة سريعة بين ماكان يقوله ويفعله الأمريكان تجاه ( الجهاد الإسلامي ) وبين جهادهم، فكما هو معروف فإن الحكومة الأمريكية صنفت كل العرب الذين يذهبون ( للجهاد ) في بعض الدول العربية أو غيرها بأنهم إرهابيون، ولم تكتف بهذا التصنيف، بل إنها لاحقت الكثيرين منهم قتلا وأسرا ، كما أنها بدأت تجتهد وتخطط للقضاء على ماسمته: منابع الارهاب !! فضيقت على كل الأنشطة الدعوية، وكذلك الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي وفي أمريكا أيضا، واتهمت التعليم بأنه من منابع الإرهاب إلى غير ذلك مما يعرفه الكثيرون !! وكان يمكن القول: إن مايفعله الأمريكان إنما هو عن قناعة حقيقية لو أنهم طبقوا تلك الأفعال على مجاهديهم الذين يقومون بارتكاب جرائم حرب يندى لها الجبين وبتعاون مع أقذر الجيوش في العالم !! ويكفي ماتنقله شاشات التلفزة العربية منها والأجنبية والأمريكية لنعرف ويعرف الأمريكان حجم ونوعية الجرائم البشعة التي يشارك فيها جنودهم !! هل سيحاسب الأمريكان جنودهم على ارتكاب تلك الجرائم ؟! وهل سيعيدون النظر في تعليمهم الذي قاد أولئك الشباب إلى القيام بتلك الأعمال الإرهابية ؟ ثم ماذا سيفعلون مع كنائسهم ومعابدهم وجمعياتهم الخيرية التي ترسل مئات الملايين إلى الصهاينة سنويا؟!! وإذا لم تفعل الحكومة الأمريكية مع مجاهديها ماتفعله مع المجاهدين المسلمين فإنها بذلك تؤكد مايعرفه العالم عنها وهو أنها منحازة مع إسرائيل كما أنها تمارس عنصرية مقيتة ضد المسلمين عامة، وأنها لاتحترم مبادئها ولا أقوالها. بطبيعة الحال هناك مقاتلون من دول أخرى مع الصهاينة، ويجب على دولهم أن تحاسبهم وأن لا تسمح لهم بارتكاب جرائم يندى لها الجبين؛ فقتل الأطفال والنساء، وتدمير الأحياء على رؤوس ساكنيها ليس من أصول الحروب ولا من قواعدها!! وهو معدود من الجرائم الكبرى التي يعاقب عليها القانون الدولي، ولكن الأمريكان حموا الصهاينة وما زالوا من الخضوع لهذا القانون وهذا مما يزيد من حجم كراهيتهم في عالمنا العربي والإسلامي . حرب غزة كشفت شيئا آخر ماكان معروفا على الإطلاق طيلة الحروب التي خاضها العرب مع الصهاينة أو خاضها الفلسطينيون معهم؛ فقد رأينا أن هناك من تعاطف مع الصهاينة أكثر من تعاطف الصهاينة مع بعضهم بعضا !! هناك من برر للإسرائيليين هجومهم ووحشيتهم بأن منظمة حماس هي من استفزتهم!! ومع أنهم يعرفون كذب هذا الإدعاء وحتى بعد أن نشرت بعض المواقع بما فيها مواقع إسرائيلية أن حماس وغيرها لاصلة لهم بقتل المستوطنين الثلاثة إلا أنهم مازالوا يصفقون لليهود، ويظهرون سعادتهم بقتل الفلسطينيين!! كل ذلك فضلا عن أن اليهود محتلون غاصبون لأرض لاحق لهم فيها، ومع هذا فهم يحاصرون غزة منذ سنوات، ويقتلون ويأسرون من شاؤوا من أهلها أو من غيرهم، وهذا وحده مبرر للغزاويين بأن لايصبروا على هذه الحياة البائسة، ومع هذا فالمتعاطفون معهم يغمضون أعينهم عن كل ذلك وكأنهم لا علاقة لهم بالعروبة أو الإسلام أو حتى بشيء اسمه (الإنسانية ) شأنهم شأن بعض الغربيين أو اليهود الذين فاضت أعينهم بالدمع مما هول ماشاهدوه، ثم نطقت ألسنتهم بحقيقة المجازر التي وثقوها !! ستنتهي هذه الحرب، وسيبقى أمريكان في الجيش الإسرائيلي، ولن تفعل أمريكا شيئا، وستستمر في دعم الصهاينة ماديا ومعنويا، وأظنها ستستمر في طرح سؤالها الغبي: لماذا يكرهوننا؟