الزمان شهر/3/ من عام 2006 المكان معرض الكتاب جامعة الملك سعود / الرياض ----- يدخل الرجل إلى الجناح ويتجول فيه ويخرج بمجموعة من الكتب، يدفع قيمتها، ولا يناقش في سعرها ويغادر المكان بكل هدوء ليعود بعد ثلاثة أيام ويقف بجوار كتاب «رسالة المحاماة» ويقول : كم نسخة لديك من هذا الكتاب؟ : لدي الكثير كم تريد أنت؟ : أريد عشرين ثلاثين أربعين هل تتأكد من العدد المتوفر عندك لو سمحت؟ أنهض من مكاني، وأبحث في كراتين الكتب عن المتوفر من هذا الكتاب والمعروض منه واكتشف تبقت 36 نسخة من 70 نسخة. قلت له: الموجود 36 نسخة هل تريدها كلها؟ : نعم احسب لي كم قيمة ال36 نسخة. : 900 ريال سعودي بعد الخصم. يدفع الرجل المبلغ وأسأله: هل تحب أن أضع النسخ في أكياس أم في صندوق؟ : لا لا هذه ولا تلك أرجو أن تبقى هذه النسخ عندك فهذا الكتاب الرفيع يتحدث ويعرف المهنة كبوابة للضمير والوجدان وليست كأسلوب للكسب، فقد قرأت فيه واقعة من تجربة المؤلف الشخصية ترتفع لتعلن بوضوح أنه يمكن أن نجعل المهنة سامية رفيعة فوق الرغبة بالكسب والثراء وهي قصة المرأة التي خذلت زوجها ولديها طفلان تلك التي جاء زوجها إليها ليرفع عليها دعوى تفريق لعلة الخيانة فسأله المحامي: هل رأى هذا أحد غيرك؟ قال: نعم ابن عمي قال له: هل يستر عليها؟ قال: نعم، فقال له: سأقترح عليك أن تذهب إلى بلدك وتدعو الناس على وليمة وتقول في الوليمة أمام الناس: إن زوجتي امرأة حرة شريفة محترمة ولكني عفتها وطابت نفسي من عشرتها وهي طالق طالق طالق، فقال الرجل: وبهذا أكون قد كافأتها بأن أدفع لها مؤخرها و..و..و.. فقال المحامي: نعم ولكن ألا تشتري كرامة طفليك بمؤخرها، وذهب الرجل وغاب أسبوعا ولما عاد أخبر المحامي بنيته قبول رأيه وقال له: الحمد لله الذي ساقني إليك فلو أخطأت الطريق إلى محام آخر لاستجاب لرغبتي ربما ورفع الدعوى وانتشر خبرها على كل لسان ولا أدري ما إذا استطعت بعدها أن أقف أمام أولادي، وهذه الواقعة قرأتها في فصل متى يجب أن يكون المحامي إنسانا ولا يشجع الناس على الادعاء على بعضهم مع أن بعضهم لا يشك في كسبهم للدعاوى التي يراجعون فيها.. وكرما لهذه القصة وغيرها في الكتاب أرجو منك أن تهدي هذا الكتاب هدية لمن يدخل إلى جناحك ويشتري مجموعة من الكتب فإن كان من بين ما اختاره فأرجو أن لا تأخذ قيمته وتبلغه بأن هذا الكتاب هدية مني وإن لم يكن الكتاب من بين ما اختاره فأرجو أن تهديه الكتاب هدية مني فهل هذا ممكن؟ فاجبته: بكل تأكيد وفخر... وقتها وبدون شعور تناولت جوالي وكتبت للمؤلف الرسالة التالية: شرف لي أن أنشر كتابا يشتريه قارئ ليهديه للناس ... الكتاب «رسالة المحاماة» والمؤلف أسامة أبو الفضل