في كلمته الموجزة والضافية التي وجهها للأمتين العربية والأسلامية بالإضافة للمجتمع الدولي يوم أمس، أكد خادم الحرمين الشريفين مرة أخرى على الدور القيادي للمملكة العربية السعودية سواء في محيطها الإقليمي أو على المستوى الدولي، كما أثبتت الكلمة حقيقة راسخة هي قيام بلادنا بجهود مستمرة لا تكل ولا تمل من أجل عزة ورفعة العرب والمسلمين، وإرساء قواعد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم باعتبار المملكة قبلة المسلمين ومهبط الوحي ومركز الثقل السياسي والاقتصادي في المنطقة. وما يستوقف المراقب هو أن كلمة الملك جاءت في توقيت غاية في الأهمية بالنظر لتزايد المخاطر والتهديدات الجسيمة التي تواجهه العديد من الدول العربية، واستهدفت الكلمة توجيه رسائل عديدة في تقديري للعديد من الأطراف، محليا وعربيا وإقليميا ودوليا يمكن إيجازها في المحاور التالية: أولا: التحذير من خطورة الفكر الإرهابي الهادف لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ومحاولة تفسيهما لكيانات صغيرة متشرذمة ومتناحرة لتسهيل السيطرة عليها والاستيلاء على مقدراتها الاقتصادية، وأن استمرار التغاضي عن الممارسات الإرهابية التي تحدث حاليا في العديد من بؤر الصراعات والقلاقل في دول المنطقة سوف لن تتوقف نتائجه الوخيمة على أماكن حدوثه بل سيتم انتشاره خارجها وسيعاني منه المجتمع الدولي بأسره إذا ما استمرت مواقفه المتخاذله تجاهها. ثانيا: التأكيد على موقف المملكة العربية السعودية الثابت والمبدئي تحاه نصرة القضية الفلسيطنية وضرورة وقف المجازر الصهيونية التي تحدث حاليا في غزة تجاه شعب أعزل وسط صمت دولي مريب وغير مبرر على الإطلاق، أيضا انطوت الكلمة على تأكيد جديد بأن بلادنا لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يحدث بل إنها أدركت مبكرا خطورة ما ستؤول إليه الأوضاع وهو ما دعاها إلى إطلاق مبادرتها الرامية لمكافحة الإرهاب، إلا أن عدم تفاعل المجتمع الدولي مع تلك الرؤية الاستشرافية المبكرة بالشكل المأمول أدى إلى تفاقم الأوضاع ووصولها لما وصلت إليه الآن. ثالثا: دعوة العالمين العربي والإسلامي وخصوصا علماء الأمة إلى تحمل مسؤولياتهم في هذه الظروف العصيبة من خلال قول كلمة الحق تجاه ما يحدث من ممارسات إرهابية تنتشر حاليا في عالمنا العربي كانتشار النار في الهشيم، وكشف الفكر الضال الذي أنتج ما نراه من ممارسات إرهابية تحاول الانتساب للإسلام وهو منها براء، وأن خطورة صمت العلماء عن الوقوف إلى جوار الحق سيكون وصمة عار وتخاذل عن أداء مسؤولياتهم التي ائتمنوا عليها فضلا عن تكريس صورة مشوهة عن ديننا الحنيف الذي يدعو للسلام ونبذ العنف وصيانة الأنفس والأموال والأعراض. إن وقوف بعض المنظمات الدولية عاجزة بهياكلها الحالية عن نصرة القضايا العادلة ورفع الظلم عن الشعوب التي تنتهك حقوقها وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، ستكون له نتائجه الخطيرة على الأمن الدولي، لذلك فإن الاضطرابات السياسية والممارسات الإرهابية التي تحدث في الكثير من الدول هي أدعى لإحداث تغيير شامل على هذه المنظمات وعلى نحو يتناسب مع المتغيرات الهائلة التي حدثت في العالم العقود الأخيرة.