صحيح أن العيد مناسبة سعيدة تستدعي البشر والمسرة والتفاؤل، إلا أن الصحيح أيضا أن هذه السعادة تبقى نسبية ليس بين إنسان وآخر، بل على مستوى الإنسان نفسه، والمناسبة ذاتها، قياسا على إيجابية أو سلبية المستجدات والمتغيرات والظروف التي تحدث في مسار حياته، وتحدث الفارق في المشاعر والتداعيات بين عيد مضى والذي يليه، ففي إيجابية المستجدات ما يغمر النفس بهجة وسرورا، وتأتي مناسبة العيد لتعزز هذه المشاعر وترويها حبورا، ويصبح للمناسبة في هذه النفس «الهادئة»، بشرها وبهاها ونشوتها وشذاها. وفي سلبية ما قد يطرأ من الظروف والمتغيرات، بين عيد مضى وعيد أتى ما لا يمكن مصادرة التأثر بها وتأثيرها على أجواء المناسبة، وفرض ذكراها على أحاسيس الإنسان ومشاعره، وفي مقدمة هذه الظروف وأهمها ما وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي في البيت التالي: ولا ينبيك عن خلق الليالي كمن فقد الأحبة والصحابا لكن إذا كان هذا يحدث على مستوى الفرد فما بالك بما يصيب المجتمعات والشعوب العربية والإسلامية من جراحات وتمزق وويلات وفقد وتيتم وتشرد وترمل، كم هي مساحة الأسى والفقد والحزن لديهم وعليهم؟! إلا أن العيد قد أوجبه الله تعالى على المسلمين ومن به عليهم شكرا لوجهه تعالى على توفيقه لهم بصيام رمضان، وشرع فيه إظهار الفرح والسرور وتبادل التهاني والتآلف والتزاور، فإن ديننا الإسلامي أيضا قد وجهنا أمام تداعي مشاعر الفقد في مثل هذه المناسبة أن نبادر بتكثيف الطاعات لله صلاة ودعاء وصدقة واستغفارا ترحما عليهم فهذه أهم هدايانا لهم في كل حين، وفي مثل هذه المناسبة، وكل عام وهذا الوطن الحبيب في أمن وإيمان وأمان ورفعة، وكل عيد ومن على أرضه وتحت سمائه بخير وفي خير وعافية..والله من وراء القصد. تأمل: كأن القلب بعدهم غريب إذا عادته ذكرى الأهل ذابا