أعترف أنني لست مثاليا في التواصل الأسري والاجتماعي، لكنني أحس كل وقت بذنب إذا كان هناك مريض أعرفه ولم أزره للانشغال والتأجيل ثم النسيان وصروف الأيام. ولذلك أدعوكم بأن لا تبخلوا بزيارة عيد لمريض يرقد في المستشفى، لأن مثل هذه الزيارة تعني له الكثير تحت ألم المرض وصمت المكان وكآبته وانغلاقه أمام حرية فرحه وحركته. هذه السنة سأجرب أن أكون أفضل في المبادرة إلى زيارات من هذا النوع لعلي أمحو ما فرطت فيه سابقا من (الواجبات) الاجتماعية الطبيعية التي قد نستثقلها ونحن أصحاء لكننا نعرفها حين نمرض ونحتاج إلى من يبتسم لنا ويطبطب على آلامنا ويعطينا أملا بغد صحي ونفسي أفضل. الوجع، وقد جربت ذلك بنفسي ومع أكثر من حبيب وصديق، يتخفف من وطأته وقسوته حين يجد المريض من يشعر به ويسأل عنه ويدعو له بالشفاء وموفور العافية والعودة إلى أحضان الحياة ومباهجها. سكان آخرون لدور أخرى يحتاجون أيضا، لزياراتكم واهتمامكم في العيد. ومن أهم هؤلاء السكان، المتوحدون خلف صمت الجدران، كبار السن من الرجال والنساء الذين يقطنون دور الرعاية وتمر بهم أشهر طويلة دون أن يطرق أبوابهم أحد، لا أقارب ولا أحباب ولا أصدقاء. تذكر مثل هؤلاء الفاقدين للقوة والحيلة مهم بمناسبة العيد، إذ ليس أبرد على قلب كبير عاجز من قبلة على جبينه تنسيه للحظات جمود الوقت ووحشة المكان. نريد في العيد أن نكون أكثر شعورا وحنانا ومحبة مع كل المحتاجين للابتسامة الصادقة والكلمة الطيبة، وما أكثر هؤلاء لو فتشنا عنهم وعن حاجاتهم النفسية والعاطفية. ونحتاج أن تكون مثل هذه المبادرات على المستوى المجتمعي ككل، بحيث تنظم زيارات جماعية يشترك فيها متطوعون يسخرون جزءا من وقتهم لهذه الزيارات التي يفترض أن تنظم في كل أيام العيد وتشمل قدر المستطاع كل دور الإيواء التي تنتظر من يمنحها الأمل وطعم الحياة ودفء المشاعر. للعيد فرحتان: فرحة تأخذها وفرحة تمنحها.