مرة أخرى تفشل التحركات الدبلوماسية والمبادرات السياسية، في الاتفاق على هدنة طويلة ووقف شلال الدم الفلسطيني، رغم دخول الحرب الإسرائيلية على غزة أسبوعها الرابع، وتجاوز عدد الضحايا حاجز الألف شهيد، ورغم مشاهد الدمار التي يشاهدها العالم عبر الشاشات دون أي تدخل حقيقي لوقف الدمار والنزيف الفلسطيني. ويبدو أن التجاذبات الإقليمية ومصالح بعض الدول والمواقف الدولية، غير مكترثة بالدم الفلسطيني المراق، فبعد أن تمت عرقلة المبادرة المصرية التي وضعت في بداية الحرب، والتي كانت تهدف لحفظ الدم الفلسطيني المتصاعد، ورفضتها حماس والجهاد بحجة أنها لا تلبي المطالب الفلسطينية، ودخول التحالفات الدولية والإقليمية على الخط، التي طالبت بتعديل المبادرة المصرية، وهو ما أدى إلى تدخل قيادة السلطة الفلسطينية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإدخال بعض المطالب لوضع ضمانات من أجل رفع الحصار بالتزامن مع وقف إطلاق النار، غير أنه تم إفشال هذا التحرك أيضا عندما أعلن عن مبادرة كيري في مؤتمر صحفي بالقاهرة بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، غير أن الرد الإسرائيلي جاء بالرفض هذه المرة على اعتبار أن مبادرة كيري لا تلبي المطالب الإسرائيلية بنزع أسلحة حماس وتوقف الصواريخ مستقبلا على الأراضي الإسرائيلية، بينما كان رد الفصائل حذرا على مبادرة كيري، بالتأكيد على المطالب السابقة التي عرضها خالد مشعل وإسماعيل هنية وضرورة تلبيتها قبل وقف إطلاق النار. تعثر المبادرة المصرية وفشل المبادرة الأمريكية، دفع جهات إقليمية متحالفة مع حماس بالتعاون مع دول أوروبية مؤثرة للتحرك وعقد لقاء دولي في باريس بحضور وزراء خارجية أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا وممثل عن الاتحاد الأوروبي، وبغياب طرفي القضية الفلسطيني والإسرائيلي، للبحث في كيفية الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار بصيغة جديدة أطلق عليها «تهدئة إنسانية» طويلة الأمد تبدأ بأسبوع، يتم خلالها البحث في كافة المطالب والشروط المعروضة من طرفي الصراع. وبينما كان الجميع بانتظار إعلان بيان الهدنة من باريس، خرج وزير الخارجية الفرنسي ليعلن أن المجتمعين يطالبون بتمديد هدنة ال 12 ساعة، لإفساح المجال لمحادثات تدور خلال الأسابيع المقبلة، وكأن الدم الفلسطيني يستطيع أن يصمد لأسابيع أو حتى لأيام أخرى أمام آلة القتل الإسرائيلية. اليوم الاثنين يجتمع مجلس الأمن لدراسة الوضع في غزة، وتتوقع المصادر أن يصدر المجلس قرارا بوقف عاجل لإطلاق النار يلزم جميع الأطراف على غرار ما حدث في حرب تموز في لبنان عام 2006، وفرض وقف إطلاق النار بتدخل دولي، على أن يتم بعد ذلك التباحث لحل شامل ودائم للصراع. فهل يكون مجلس الأمن المخرج المنتظر لوقف هذه الحرب المجنونة ووقف شلال الدم الفلسطيني بعيدا عن التجاذبات الإقليمية، والمتاجرة بالدم الفلسطيني؟!.